شهود الأضحية سنة وليس واجبا، فمن لم يستطع شهود أضحيته لغيابه، أو عدم تحمله لرؤية الذبح فلا عليه أن يشهدها . وليس عليه أن يوكل أحدا بشهودها، ويمكنه أن ينيب عنه من يذبحها عنه، وينبغي أن يكون النائب مسلما ملتزما بأوامر الدين، غير معروف بالفسق، واقتراف الذنوب .

قال الشيرازي الشافعي في المهذب – رحمه الله تعالى :-

والمستحب أن يضحي بنفسه لحديث أنس (أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين أملحين ووضع رجله على صفاحهما ، وسمى وكبر) ويجوز أن يستنيب غيره ، لما روى جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم(نحر ثلاثا وستين بدنة ثم أعطى عليا فنحر ما غبر منها) . – أي ما بقي منها –

والمستحب إذا استناب غيره أن يشهد الذبح لما روى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة رضي الله عنها قومي إلى أضحيتك فاشهديها فإنه بأول قطرة من دمها يغفر لك ما سلف من ذنبك)

وقال الإمام النووي معلقا على كلام الشيرازي:-
حديث أنس رواه البخاري بلفظه ، وحديث جابر رواه مسلم بلفظه وهو من جملة حديث جابر الطويل في صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم ، وأما حديث أبي سعيد الخدري فرواه البيهقي من رواية أبي سعيد ومن رواية علي .

ثم ذكر النووي مذاهب العلماء فقال :-
قال الشافعي والأصحاب : يستحب أن يذبح هديه وأضحيته بنفسه . قال الماوردي : إلا المرأة فيستحب لها أن توكل في ذبح هديها وأضحيتها رجلا . قال الشافعي والأصحاب : ويجوز للرجل والمرأة أن يوكلا في ذبحهما من تحل ذكاته ، والأفضل أن يوكل مسلما فقيها بباب الصيد والذبائح والضحايا وما يتعلق بذلك ; لأنه أعرف بشروطه وسننه .
ولا يجوز أن يوكل وثنيا ولا مجوسيا ولا مرتدا ، ويجوز أن يوكل كتابيا وامرأة وصبيا ، لكن قال أصحابنا : يكره توكيل الصبي ، وفي كراهة توكيل المرأة الحائض وجهان ( أصحهما ) لا يكره ، ; لأنه لم يصح فيه نهي والحائض أولى من الصبي ، والصبي أولى من الكافر الكتابي ، ويستحب إذا وكل أن يحضر ذبحها ، ويستحب أن يتولى تفرقة اللحم بنفسه ، ويجوز التوكيل فيها .

ويقول الدكتور: حسام الدين عفانة الأستاذ المشارك في الفقه والأصول -كلية الدعوة وأصول الدين -جامعة القدس:-

من الأمور المستحبة للمضحي أن يتولى ذبحها بنفسه إن كان يحسن الذبح ، وإلا شهد ذبحها ، ومما يدل على استحباب تولي الإنسان أضحيته بنفسه ، ما جاء في حديث أنس ـ صلى الله عليه وسلم ـ :( أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ضحى بكبشين أقرنين أملحين ، وكان يسمي ويكبر ، ولقد رأيته يذبحهما بيده واضعاً رجله على صفاحهما ) رواه البخاري ومسلم وقد مضى .
قال الإمام البخاري في صحيحه [ باب من ذبح الأضاحي بيده ] ثم ذكر فيه حديث
أنس ـ صلى الله عليه وسلم ـ السابق ، ثم ذكر في الباب الذي يليه [ وأمرَ أبو موسى بناته أن يضحين
بأيديهن . ثم قال الحافظ : وصله الحاكم في المستدرك .
ووقع لنا في خبرين كلاهما من طريق المسيب بن رافع أن أبا موسى كان يأمر بناته أن يذبحن نسائكهن – أي ذبائحهن – بأيديهن وسنده صحيح .
ويجوز لمن أراد الأضحية أن ينيب غيره في ذبحها .
فإن أناب عنه فيستحب له أن يشهد ذبحها لما ورد في حديث أبي سعيد ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال لفاطمة رضي الله عنها :( قومي لأضحيتك فاشهديها فإنه بأول قطرة من دمها يغفر لك ما سلف من ذنبك ) رواه البيهقي والحاكم .

وقال الهيثمي :( رواه البزار وفيه عطية بن قيس وفيه كلام كثير وقد وثق )
وروى البيهقي بإسناده عن علي بن أبي طالب ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال لفاطمة رضي الله عنها :( يا فاطمة قومي فاشهدي أضحيتك أما إن لك بأول قطرة تقطر من دمها مغفرة لكل ذنب، أما إنه يجاء بها يوم القيامة بلحومها ودمائها سبعين ضعفاً حتى توضع في ميزانك .
فقال أبو سعيد الخدري ـ صلى الله عليه وسلم ـ : يا رسول الله أهذه لآل محمد خاصة فهم أهل لما خصوا به من خير ، أو لآل محمد والناس عامة . فقال رسول الله : بل هي لآل محمد وللناس عامة، رواه البيهقي ، وقال عمرو بن خالد ضعيف .
ورواه أبو القاسم الأصبهاني في كتاب الترغيب والترهيب ، وأبو الفتح سليم بن أيوب الفقيه الشافعي في كتاب الترغيب ، وقال الحافظ المنذري : وقد حسن بعض مشايخنا حديث علي هذا . والله أعلم ..
وروى البيهقي بإسناده عن عمران بن حصين ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال :( قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : يا فاطمة قومي فاشهدي أضحيتك ، فإنه يغفر لك بأول قطرة من دمها كل ذنب عملتيه ، وقولي : إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له ، وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين .
قلت : يا رسول الله هذا لك ولأهل بيتك خاصة فأهل ذلك أنتم أم للمسلمين عامة .
قال : بل للمسلين عامة ) ورواه الحاكم وقال : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه .
وتعقبه الذهبي قائلاً :( بل أبو حمزة ضعيف جداً وإسماعيل ليس بذاك )
وهذه الأحاديث ، وإن كان كل واحد منها لا يخلو من مقال ، فإن بعضها يقوي بعضاً فتصلح للاستشهاد .