الخمر أم الخبائث ، ومن أكبر الكبائر، ولا يجوز للإنسان أن يصلي وفي فمه خمر، أو مخمور من أثر الشرب، ولكن إن غسل فمه من رائحته، وأفاق بعد شربها، وصلى ، فصلاته صحيحة، وعليه أن يستمر في الصلاة، عسى أن تنهاه عن الخمر يوما .
يقول فضيلة الدكتور يوسف القرضاوي حفظه الله :
هذا أمر مؤسف حقا. فالصلاة الحقيقية كما شرعها الله عز وجل، تنهى عن الفحشاء والمنكر، كما قال الله ورسوله: (وأقم الصلاة، إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، ولذكر الله أكبر)العنكبوت:45.
والخمر لا شك من أكبر المنكرات، لما فيها من إضرار بالعقل والصحة والمال والشخصية، فضلا عن أثرها على الأسرة والمجتمع.
فإذا كان الإنسان ضعيف الإيمان، ضعيف اليقين، رقيق الدين، وحدث أن سول له شيطانه شرب الخمر، فالخمر – على كل حال – عند جمهور الفقهاء نجسة، والسكر منها يحول دون إقامة الصلاة كما قال تعالى: (يأيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون)النساء:43.
فإذا أفاق وغسل أثر الخمر، وتوضأ وصلى، فالمرجو إن شاء الله أن تكون صلاته في ذاتها مقبولة، وأن صلاته ستنهاه يوما عن مثل هذا المنكر، وسيرتدع عن مثل هذا الأمر.
هذه فريضة يؤديها وهي الصلاة، وتلك جريمة يرتكبها وهي شرب الخمر، هذا عمل صالح، وذلك عمل سيئ. والله سبحانه وتعالى يحاسب الإنسان بالحسنات والسيئات… كل بمقدار لا يختل ولا ينقص مثقال ذرة…
حسناته مرصودة له، وسيئاته مكتوبة عليه. (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره)الزلزلة:7،8.
الصلوات مكتوبة له، وشرب الخمر -أم الخبائث- مكتوب عليه.
لا نقول له: مادمت تشرب الخمر فاترك الصلاة… ذلك، لأن الذي يصلي مأمول فيه إن شاء الله أن يرتدع ويمتنع عن أم الخبائث.
ولو سألتني: أيهما أولى، رجل يشرب الخمر ولا يصلي، ورجل يشرب الخمر ويصلي؟ لقلت: الذي يشرب ويصلي أفضل على كل حال وأقل سوءا من الآخر… لأنه مرجو له الخير، وإن كان بعيدا عن إقامة الصلاة إقامة حقيقية مع تناوله للخمر، وبعيدا عن المحافظة عليها محافظة المؤمنين الذين وصفهم الله في قوله (…. والذين هم على صلواتهم يحافظون)المؤمنون:9 وفرق بين من يبيت ولسانه رطب بذكر الله تعالى، وبين من ينام وفمه رطب بأم الخبائث ممتلئ برائحتها… وهو غائب الوعي… مخبول العقل…
شتان بين هذا وذاك.