ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول في صلاته أدعية وأذكارا يستحب للمصلي الاشتغال بها لينال أجر متابعة النبي صلى الله عليه وسلم ، ولما فيها من خيري الدنيا والآخرة .

فمن أدعية الركوع والسجود الأدعية الآتية :-

1- أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في ركوعه وسجوده سبوح قدوس رب الملائكة والروح.
أورده الألباني في صحيح أبي داود .
2- وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي يتأول القرآن . رواه البخاري ومسلم .
3- وروى مسلم أنه كان يقول :-
اللهم لك ركعت ، و بك آمنت ، و لك أسلمت ، خشع لك سمعي ، و بصري ، و مخي ، و عظمي ، و عصبي وإذا رفع رأسه من الركوع يقول : سمع الله لمن حمده ، ربنا و لك الحمد ، ملء السماوات ، و ملء الأرض ، و ملء ما بينهما ، و ملء ما شئت من شئ بعد . و إذا سجد يقول في سجوده : ” اللهم لك سجدت ، و بك آمنت ، ولك أسلمت ، سجد وجهي للذي خلقه و صوره ، و شق سمعه و بصره ، تبارك الله أحسن الخالقين .
4- اللهم لك ركعت ، وبك آمنت ، ولك أسلمت ، وعليك توكلت ، أنت ربي ، خشع سمعي ، وبصري ، ولحمي ، ودمي ، ومخي ، وعصبي لله رب العالمين . أورده الألباني في صحيح سنن النسائي .
5- عن عوف بن مال قال : قمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة فقام فقرأ سورة البقرة لا يمر بآية رحمة إلا وقف فسأل ولا يمر بآية عذاب إلا وقف فتعوذ قال ثم ركع بقدر قيامه يقول في ركوعه سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة ثم سجد بقدر قيامه ثم قال في سجوده مثل ذلك ثم قام فقرأ بآل عمران ثم قرأ سورة سورة . أورده الألباني في صحيح أبي داود .

6- أن رسول الله كان يقول حين يرفع رأسه من الركوع : سمع الله لمن حمده ، ربنا لك الحمد ملء السماوات ، وملء الأرض ، وملء ما شئت من شيء بعد ، أهل الثناء والمجد ، خير ما قال العبد ، وكلنا لك عبد . لا مانع لما أعطيت ، ولا ينفع ذا الجد منك الجد . قال الألباني : رواه النسائي بسند صحيح .
7- وكان يقول : لربي الحمد ، لربي الحمد .
صححه الألباني في الشمائل المحمدية . والحديث عند أبي داود والنسائي .

ومن الأدعية المأثورة في السجود :-

1-اللهم لك سجدت ، ولك أسلمت ، وبك آمنت . سجد وجهي للذى خلقه وصوره ، فأحسن صورته ، وشق سمعه وبصره ، تبارك الله أحسن الخالقين . أورده الألباني في صحيح النسائي .
2- أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في سجوده اللهم اغفر لي ذنبي كله دقه وجله وأوله وآخره علانيته وسره. أورده الألباني في صحيح أبي داود .
3- سجد لك سوادي وخيالي ، وآمن بك فؤادي ، وأبوء بنعمتك علي ، هذه يداي وما جنيت على نفسي . رواه الحاكم وصححه .
4- عن عائشة قالت :- فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فلمست المسجد فإذا هو ساجد وقدماه منصوبتان وهو يقول أعوذ برضاك من سخطك وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك. أرده الألباني في صحيح أبي داود.
ومن دعائه صلى الله عليه وسلم بين السجدتين :-
اللهم اغفر لي وارحمني واجبرني واهدني وارزقني . أورده الألباني في صحيح الترمذي .

ومن أدعيته صلى الله عليه وسلم في التشهد :

1- أنه كان يقول بعد التشهد اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم وأعوذ بك من عذاب القبر وأعوذ بك من فتنة الدجال وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات. أورده الألباني في صحيح أبي داود .
2- اللهم إني أعوذ بك من شر ما عملت ، ومن شر ما لم أعمل . قال الألباني : رواه النسائي بسند صحيح .
3- ما أخرجه مسلم وأبو داود وابن ماجه من حديث عائشة أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول في سجوده في صلاة الليل : { أعوذ برضاك من سخطك وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك }.
4- ما رواه ابن ماجة بسند صححه الألباني :-
قال أبو بكرلرسول الله صلى الله عليه وسلم علمني دعاء أدعو به في صلاتي قال قل اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم
وقال ابن قدامة مبينا ما يدعو به المصلي في صلاته:

الدعاء في الصلاة بما وردت به الأخبار جائز . قال الأثرم : قلت لأبي عبد الله – يعني أحمد بن حنبل – : إن هؤلاء يقولون : لا يدعو في المكتوبة إلا بما في القرآن . فنفض يده كالمغضب , وقال : من يقف على هذا , وقد تواترت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بخلاف ما قالوا , قلت لأبي عبد الله : إذا جلس في الرابعة يدعو بعد التشهد بما شاء ؟ قال : بما شاء لا أدري , ولكن يدعو بما يعرف وبما جاء . فقلت : على حديث عمرو بن سعد , قال : سمعت عبد الله , يقول : إذا جلس أحدكم في صلاته , وذكر التشهد , ثم ليقل : ” اللهم إني أسألك من الخير كله ما علمت منه وما لم أعلم , وأعوذ بك من الشر كله ما علمت منه وما لم أعلم . اللهم إني أسألك من خير ما سألك عبادك الصالحون , وأعوذ بك من شر ما عاذ منه عبادك الصالحون , ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار , ربنا اغفر لنا ذنوبنا , وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار , ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك ولا تخزنا يوم القيامة , إنك لا تخلف الميعاد ” . رواه الأثرم .
وعن عبد الله قال { : كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد , كما يعلمنا السورة من القرآن , قال : وعلمنا أن نقول : اللهم أصلح ذات بيننا , واهدنا سبل السلام , وأخرجنا من الظلمات إلى النور , واصرف عنا الفواحش ما ظهر منها وما بطن , وبارك لنا في أبصارنا وأسماعنا وقلوبنا وأزواجنا وذرياتنا , وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم , واجعلنا شاكرين لنعمتك , مثنين عليك بها , قابليها , وأتمها علينا } , رواه أبو داود .
وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه { قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : علمني دعاء أدعو به في صلاتي . قال : قل : اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا , ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك , وارحمني , إنك أنت الغفور الرحيم } متفق عليه .
وعن أبي هريرة , قال { قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل : ما تقول في الصلاة ؟ قال : أتشهد , ثم أسأل الله الجنة , وأعوذ به من النار , أما والله ما أحسن دندنتك , ولا دندنة معاذ . فقال : حولها ندندن } . رواه أبو داود .
وفي حديث جابر { , أن النبي صلى الله عليه وسلم علمهم التشهد , فقال في آخره : أسأل الله الجنة , وأعوذ بالله من النار } . وقول الخرقي : بما ذكر في الأخبار . يعني أخبار النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه والسلف , رحمة الله عليهم ; فإن أحمد ذهب إلى حديث ابن مسعود في الدعاء , وهو موقوف عليه , وقال : يدعو بما جاء وبما يعرف . ولم يقيده بما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم .
وقال عبد الله بن أحمد : سمعت أبي يقول في سجوده : اللهم كما صنت وجهي عن السجود لغيرك فصن وجهي عن المسألة لغيرك . وقال : كان عبد الرحمن يقوله في سجوده . وقال : سمعت الثوري يقوله في سجوده .
ثم بين ابن قدامة ما يمنع المصلي من الدعاء به :
ولا يجوز أن يدعو في صلاته بما يقصد به ملاذ الدنيا وشهواتها , بما يشبه كلام الآدميين وأمانيهم , مثل : اللهم ارزقني جارية حسناء , ودارا قوراء , وطعاما طيبا , وبستانا أنيقا . وقال الشافعي : يدعو بما أحب ; لقوله عليه السلام , في حديث ابن مسعود , في التشهد : ” ثم ليتخير من الدعاء أعجبه إليه ” . متفق عليه . ولمسلم : ” ثم ليتخير بعد من المسألة ما شاء أو ما أحب ” .
وفي حديث أبي هريرة { : إذا تشهد أحدكم فليتعوذ من أربع , ثم يدعو لنفسه ما بدا له } . ولنا قوله عليه السلام { : إن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شيء من كلام الآدميين , إنما هي التسبيح والتكبير وقراءة القرآن } . أخرجه مسلم . وهذا من كلام الآدميين , ولأنه كلام آدمي يخاطب بمثله , أشبه تشميت العاطس , ورد السلام , والخبر محمول على أنه يتخير من الدعاء المأثور وما أشبهه .
ثم بين ابن قدامة حكم الدعاء بغير المأثور فقال:-

فأما الدعاء بما يتقرب به إلى الله عز وجل مما ليس بمأثور , ولا يقصد به ملاذ الدنيا , فظاهر كلام الخرقي وجماعة من أصحابنا أنه لا يجوز , ويحتمله كلام أحمد ; لقوله : ولكن يدعو بما جاء وبما يعرف . وحكى عنه ابن المنذر , أنه قال : لا بأس أن يدعو الرجل بجميع حوائجه ; من حوائج دنياه وآخرته . وهذا هو الصحيح , إن شاء الله تعالى ; لظواهر الأحاديث , فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” ثم ليتخير من الدعاء ” , وقوله : ” ثم يدعو لنفسه بما بدا له ” . وقوله : ” ثم ليدع بعد بما شاء ” . وروي عن أنس , قال { : جاءت أم سليم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله : علمني دعاء أدعو به في صلاتي . فقال : احمدي الله عشرا , وسبحي الله عشرا , ثم سلي ما شئت . يقول : نعم نعم نعم } . رواه الأثرم , ولأن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يدعون في صلاتهم بما لم يتعلموه , فلم ينكر عليهم النبي صلى الله عليه وسلم ولهذا لما قال النبي صلى الله عليه وسلم للرجل : ” ما تقول في صلاتك ؟ ” قال : أتشهد , ثم أسأل الله الجنة , وأعوذ به من النار . فصوبه النبي صلى الله عليه وسلم في دعائه ذلك من غير أن يكون علمه إياه , ولما قال النبي صلى الله عليه وسلم : { أما السجود فأكثروا فيه من الدعاء } . لم يعين لهم ما يدعون به , فدل على أنه أباح لهم كل الدعاء , إلا ما خرج منه بالدليل في الفصل الذي قبل هذا , وقد روي عن عائشة , أنها كانت إذا قرأت { : فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم } . قالت : من علينا , وقنا عذاب السموم . وعن جبير بن نفير , أنه سمع أبا الدرداء , وهو يقول في آخر صلاته , وقد فرغ من التشهد : أعوذ بالله من النفاق . ولأنه دعاء يتقرب به إلى الله تعالى , فأشبه الدعاء المأثور .