الصحيح أن صلاة التراويح لا تصح قبل صلاة العشاء ، ولا خلاف بين الفقهاء في أن صلاة التراويح تقع صحيحة بعد صلاة العشاء إلا أنَّ الأفضل أن يصلي الناس سنة العشاء المؤكدة قبل صلاة التراويح .

وينبغي عدم التهاون في سنة العشاء البعدية لأنها سنة مؤكدة ، ولا تغني عنها صلاة التراويح، لكن إذا كانت عادة أهل المسجد ألا يتركوا وقتا لصلاة هاتين الركعتين، فينبغي تعليمهم السنة برفق ، فإن أبوا فلا داعي للشقاق ويمكن تأديتها بعد الفراغ من صلاة التراويح ، كما يمكن الدخول مع الإمام بنية السنة المؤكدة ، ثم إتمام التراويح.

ومما يدل على الحفاظ على سنة العشاء ما جاء في صحيح مسلم عن أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنها قالت:- سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “ما من عبد مسلم يصلي لله كل يوم ثنتي عشرة ركعة تطوعا، غير فريضة، إلا بني الله له بيتا في الجنة. أو إلا بني له بيت في الجنة”. قالت أم حبيبة: فما برحت أصليهن بعد.

وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية:-

ذهب جمهور الفقهاء: إلى أن قيام رمضان سنة مؤكدة تؤدى بعد سنة العشاء , وتعتبر من الرواتب لأنها تؤدى بعد الفريضة ، فوقتها يبدأ من بعد الانتهاء من سنة العشاء , ويستمر إلى قبيل الفجر بالقدر الذي يسع صلاة الوتر بعدها , ويفضل أن لا يؤخرها إذا كان في التأخير فوات الجماعة.

ثم ذكرت الموسوعة مذاهب العلماء في ذلك كالتالي:-

ذهب جمهور الفقهاء إلى أن وقت صلاة التراويح من بعد صلاة العشاء , وقبل الوتر إلى طلوع الفجر ; لنقل الخلف عن السلف , ولأنها عرفت بفعل الصحابة فكان وقتها ما صلوا فيه , وهم صلوا بعد العشاء قبل الوتر ; ولأنها سنة تبع للعشاء فكان وقتها قبل الوتر . ولو صلاها بعد المغرب وقبل العشاء فجمهور الفقهاء وهو الأصح عند الحنفية على أنها لا تجزئ عن التراويح , وتكون نافلة عند المالكية , ومقابل الأصح عند الحنفية أنها تصح ; لأن جميع الليل إلى طلوع الفجر قبل العشاء وبعدها وقت للتراويح ; لأنها سميت قيام الليل فكان وقتها الليل.

وعلل الحنابلة عدم الصحة بأنها تفعل بعد مكتوبة وهي العشاء فلم تصح قبلها كسنة العشاء , وقالوا : إن التراويح تصلى بعد صلاة العشاء وبعد سنتها, قال المجد- من فقهاء الحنابلة – : لأن سنة العشاء يكره تأخيرها عن وقت العشاء المختار , فكان إتباعها لها أولى . ولو صلاها بعد العشاء وبعد الوتر فالأصح عند الحنفية أنها تجزئ . وذهب الحنفية والشافعية إلى أنه يستحب تأخير التراويح إلى ثلث الليل أو نصفه , واختلف الحنفية في أدائها بعد نصف الليل , فقيل يكره ; لأنها تبع للعشاء كسنتها , والصحيح لا يكره لأنها من صلاة الليل والأفضل فيها آخره.

وذهب الحنابلة إلى أن صلاتها أول الليل أفضل ; لأن الناس كانوا يقومون على عهد عمر – رضي الله تعالى عنه – أوله , وقد قيل لأحمد : يؤخر القيام أي في التراويح إلى آخر الليل ؟ قال : سنة المسلمين أحب إلي.

وجاء في كتاب الإنصاف في الفقه الحنبلي:-

أول وقت صلاة التراويح بعد صلاة العشاء وسنتها , على الصحيح من المذهب , وعليه الجمهور , وعليه العمل , وعنه – أي عن الإمام أحمد بن حنبل – قبل السنة وبعد الفرض , نقلها حرب ، وجزم به في العمدة , ويحتمله كلامه في الوجيز, فإنه قال : وتسن التراويح في جماعة بعد العشاء.

وجاء في كشاف القناع في الفقه الحنبلي:-
إن صلى التراويح بعد العشاء وقبل سنتها صح جزما ولكن الأفضل فعلها بعد السنة على المنصوص.