لا يجوز للمسلم أن يسأل الناس إذا كان عنده ما يغنيه أو كان قادرا على الكسب.
ومن أُعطي شيئا بسبب السؤال، وإظهار الفاقة، فيحرم عليه أن يأخذه إذا كان عنده ما يغنيه، أما إن كان محتاجا لفقر، أو زمانة –المرض المقعد- أو عجز عن الكسب، فيجوز له السؤال بشرط ألا يذل نفسه، وألا يؤذي المسئول، وألا يعلم أن باعث المعطي الحياء من السائل أو من الحاضرين، وإلا فلا يجوز له أخذ الصدقة بل يحرم عليها أخذها، ولو كان محتاجا إليها.

أما المسئول فعليه أن يتخلق بخلق النبي -صلى الله عليه وسلم- فقد كان لا يرد سائلا، وفي الحديث الذي رواه الطبراني وحسنه الألباني قال صلى الله عليه وسلم (ملعون من سأل بوجه اللّه وملعون من سُئل بوجه اللّه ثم منع سائله ما لم يسأل هجراً)

ولا يجوز إيذاء السائل بقول وفعل بل الواجب أن نتأدب بأدب القرآن الذي علمنا (قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى) (يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى).

جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية:
يحرص الإسلام على حفظ كرامة المسلم , وصون نفسه عن الابتذال والوقوف بمواقف الذل والهوان , فحذر من التعرض للصدقة بالسؤال , أو بإظهار أمارات الفاقة , بل حرم السؤال على من يملك ما يغنيه عنها من مال أو قدرة على التكسب , سواء كان ما يسأله زكاة أو تطوعا أو كفارة , ولا يحل له أخذ ذلك إن أعطي بالسؤال أو إظهار الفاقة.

قال الشبراملسي –من فقهاء الشافعية-: لو أظهر الفاقة وظنه الدافع متصفا بها لم يملك ما أخذه؛ لأنه قبضه من غير رضا صاحبه , إذ لم يسمح له إلا على ظن الفاقة ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (من سأل الناس وله ما يغنيه جاء يوم القيامة ومسألته خموش , أو خدوش , أو كدوح قيل : يا رسول الله , وما يغنيه ؟ قال : خمسون درهما أو قيمتها من الذهب }
– والمراد أنه بسبب مسألته تظهر آثار مستنكرة في وجهه حقيقة أو أمارات ليُعرف ويشهر بذلك بين أهل الموقف-.

وعنه صلى الله عليه وسلم: (إذا سألت فاسأل الله , وإذا استعنت فاستعن بالله).
وقال عليه الصلاة والسلام : (لا ينبغي للمؤمن أن يذل نفسه).

أما إن كان محتاجا إلى الصدقة , وممن يستحقونها لفقر أو زمانة , أو عجز عن الكسب فيجوز له السؤال بقدر الحاجة , وبشرط أن لا يذل نفسه , وأن لا يلح في السؤال , أو يؤذي المسئول , ولم يعلم أن باعث المعطي الحياء من السائل أو من الحاضرين , فإن كان شيء من ذلك فلا يجوز له السؤال وأخذ الصدقة وإن كان محتاجا إليها , ويحرم أخذها , ويجب ردها إلا إذا كان مضطرا بحيث يخشى الهلاك إن لم يأخذ الصدقة , لحديث: (لا ينبغي للمؤمن أن يذل نفسه).

فإن خاف هلاكا لزمه السؤال إن كان عاجزا عن التكسب، فإن ترك السؤال في هذه الحالة حتى مات أثم لأنه ألقى بنفسه إلى التهلكة , والسؤال في هذه الحالة في مقام التكسب ; لأنها الوسيلة المتعينة لإبقاء النفس , ولا ذل فيها للضرورة , والضرورة تبيح المحظورات كأكل الميتة .

ولا بأس بسؤال الماء للشرب لفعل النبي صلى الله عليه وسلم وقال أحمد في العطشان الذي لا يستسقي : يكون أحمق , ولا بأس بمسألة الاستعارة والاستقراض نص عليهما أحمد قال الآجري يجب أن يعلم حل المسألة ومتى تحل , وما قاله بمعنى قول أحمد في أن تعلم ما يحتاج إليه لدينه فرض , ولا بأس بسؤال الشيء اليسير , كشسع النعل أي سيره ; لأنه في معنى مسألة شرب الماء , وإن أعطي مالا طيبا من غير مسألة ولا استشراف نفس مما يجوز له أخذه من زكاة أو كفارة أو صدقة تطوع أو هبة وجب أخذه عند الحنابلة , ونقله جماعة عن أحمد.

وصرح الشافعية بأن السؤال بالله , أو بوجه الله مكروه , كأن يقول : أسألك بوجه الله , أو أسألك بالله ونحو ذلك . كما يكره رد السائل بذلك . لخبر : { لا يسأل بوجه الله إلا الجنة } . وخبر : (من سألكم بالله فأعطوه) .