القيء إن أخرجه الإنسان عمدا، بطل صيامه، وإن تقيأ رغما عنه، فصومه صحيح، ومن ظن أن القيء يفسد الصيام، فأكل، بطل صومه، ووجب عليه قضاء اليوم الذي أفطره، مع الإمساك بقية اليوم، حفاظا على حرمة رمضان، هذا هو الرأي المختار عند جمهور الفقهاء ،ومن الفقهاء من يرى أن القيء لا يفسد الصوم،لأنه ليس أكلا ولا شربا.

يقول الدكتور وهبة الزحيلي -رحمه الله تعالى- أستاذ الشريعة بالجامعات السورية :

يجب عليها قضاء اليوم الذي أكلت فيه‏،‏ ويحرم عليها الأكل‏،‏ لأن القيء الاضطراري لا الاختياري لا يفسد الصوم‏،‏ وتظل المرأة صائمة‏،‏ ما لم يرجع شيء من القيء إلى الجوف ‏(‏الحلق‏)‏‏،‏ وعليها الإمساك بقية اليوم تأدباً مع الصيام.

وعليها في رأي الشافعية وآخرين بالإضافة للقضاء فدية طعام مسكين حوالي دولار عن كل يوم.انتهى

يقول الأستاذ الدكتور أحمد يوسف سليمان أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية دار العلوم جامعة القاهرة :

من العلماء من ذهب إلى أن القيء يفطر مطلقا، ومنهم من ذهب إلى عدم تفطيره مطلقا، ولكن المختار للفتوى أنه إذا اضطر الصائم إلى القيء دون إرادة منه فصومه صحيح، وعليه الإمساك، ولا قضاء عليه لصحة صومه.

أما إذا فعل ذلك بنفسه، فإن صومه يبطل، وعليه بعد المضمضة الإمساك، والقضاء، والدليل على ذلك ما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “من ذرعه القيء فلا قضاء عليه، ومن استقاء عمدا فليقض. رواه الخمسة إلا النسائي. فالحديث يدل بوضوح على أنه لا يبطل صوم من غلبه القيء ولا يجب عليه القضاء، ويبطل صوم من تعمد إخراجه، ولم يغلبه، ويجب عليه القضاء، وقد ذهب إلى هذا من الصحابة علي بن أبي طالب، وابن عمر، وزيد ابن أرقم وغيرهم -رضي الله عنهم-.

وأما ما يروى من أن القيء عموما لا يفطر -لقوله- صلى الله عليه وسلم -: فيما رواه عنه أبو سعيد الخدري -رضي الله عنه- أنه قال: “ثلاث لا يفطرن: القيء، والحجامة، والاحتلام” ففيه مقال. وإن صح فهو عام، وحديث أبي هريرة خاص، فينبغي أن يحمل العام على الخاص.

وأما ما يروى من حديث أبي الدرداء أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قاء فأفطر: قال أبو الدرداء: أنا صببت عليه وضوءه” يعني صب عليه الماء ليتمضمض من أثر القيء، فقد قال عنه الإمام البيهقي -رحمه الله- هذا حديث مختلف في إسناده، فإن صح فهو محمول على القيء عامدا، وكأنه كان – صلى الله عليه وسلم- صائما تطوعا .انتهى

ويقول فضيلة الشيخ عطية صقر رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر ـ رحمه الله ـ في كتابه أحسن الكلام في الفتوى والأحكام:

روي أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: ( من ذرعه القيء ـ أي: غلبه ـ فليس عليه قضاء، ومن استقاء عمداً فليقض ). رواه أحمد وأصحاب السنن إلا النسائي.

قال الفقهاء: إن القيء وهو: ما يخرج من المعدة عن طريق الفم إن كان إخراجه اضطراريا، فلا يفسد الصوم وإن كان عن تعمد؛ فسد الصوم.

وقال ابن مسعود وعكرمة وربيعة: إن القيء لا يفسد الصوم على أي حال. محتجين بحديث فيه مقال.

وردوا على الفقهاء أن: الحديث الذي اعتمدوا عليه موقوف وليس مرفوعا إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال البخاري: لا أراه محفوظا، وقال الترمذي :قد روي من غير وجه ولا يصح إسناده ، وأنكره أحمد. واحتج الجمهور أيضا بحديث آخر، لكن في سنده اضطراب، لا تقوم به حجة . وهو ما رواه أبو يعلى الموصلي في مسنده عن رزين البكري قال حدثتنا مولاة لنا يقال لها سلمى من بكر بن وائل أنها سمعت عائشة رضي الله عنها تقول: ” دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا عائشة هل من كسرة فأتته بقرص فوضعه على فيه فقال يا عائشة هل دخل بطني منه شيء كذلك قبلة الصائم إنما الإفطار مما دخل وليس مما خرج ” ولجهالة المولاة التي روت الحديث عن السيدة عائشة لم يثبته بعض أهل الحديث.

وإذا لم يوجد حديث متفق على رفعه وصحته فالأمر متروك للاجتهاد، وقد وجد من يخالف الجمهور، ويمكن أن يقال: إن القيء ليس فيه أكل ولا شرب بل فيه إخراج أكل وشرب لمنع ضرره بالجسم.