يحرم على المسلمة أن تشق ثيابها تعبيرا عن الحزن أو الغضب، فهذه الأفعال من بقايا الجاهلية والواجب على المسلم أن يتخلق بالحلم والصبر، والرضا بقضاء الله من أهم أركان الإيمان، والغضب والسخط لا يرد من قدر الله شيئا، ولا علاقة لتمزيق الملابس بالخروج من الملة وما ورد من ذلك في الحديث فهو للمبالغة في ردع من يفعل ذلك، والواجب على من فعل ذلك أن يبادر بالتوبة.

يقول فضيلة الدكتور حسام الدين بن موسى عفانة -أستاذ الفقه وأصوله بجامعة القدس بفلسطين-:
لقد ثبت في الحديث الصحيح عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ( ليس منا من لطم الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية ) رواه البخاري ومسلم.
قال الحافظ ابن حجر: ” قوله (ليس منا) أي ليس من أهل سنتنا وطريقتنا ، وليس المراد به إخراجه عن الدين ، ولكن فائدة إيراده بهذا اللفظ ، المبالغة في الردع عن الوقوع في مثل ذلك “.

وشق الجيوب يقصد به شق الملابس وتمزيقها ، والأصل أن الجيب هو ما يفتح من الثوب ليدخل فيه الرأس ، وشق الجيوب من أفعال الجاهلية وهو من علامات السخط وعدم الرضا ، وكثير من النساء يقمن بشق الجيوب عند وفاة الزوج، أو أحد الأقارب، أو عند الغضب الشديد ، وهذا أمر لا يجوز شرعاً ، فقد ثبت في الحديث عن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري قال: “وجع أبو موسى وجعاً فغشي عليه ورأسه في حجر امرأة من أهله ، فصاحت امرأة من أهله ، فلم يستطع أن يرد عليها شيئاً فلما أفاق قال: أنا بريء مما برئ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( برئ من الصالقة والحالقة والشاقة ) رواه البخاري ومسلم.

والصالقة هي التي ترفع صوتها بالبكاء وتصيح ، والحالقة التي تحلق شعر رأسها عند المصيبة ، كما كانت نساء الجاهلية يفعلن ، والشاقة التي تشق ثوبها.
وفي رواية أخرى عن أبي بردة قال: أغمي على أبي موسى الأشعري رضي الله عنه ، فأقبلت امرأته أم عبد الله تصيح برنة ، ثم أفاق فقال: ألم تعلمي ؟ ، وكان يحدثها أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ( أنا بريء ممن حلق وصلق وخرق ) رواه البخاري ومسلم.

قال صاحب مرقاة المفاتيح : ” وكان الجميع من صنع الجاهلية ، وكان ذلك في أغلب الأحوال من صنيع النساء “.

وجاء في حديث آخر ، عن أسيد بن أبي أسيد عن امرأة من المبايعات قالت: ( كان فيما أخذ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في المعروف الذي أخذ علينا ، أن لا نعصيه فيه ، أن لا نخمش وجهاً ، ولا ندعو ويلاً ، ولا نشق جيباً ، ولا ننشر شعراً ) رواه أبو داود ، وقال الشيخ الألباني: صحيح .
وجاء في حديث آخر عن أبي أمامة : ( أن الرسول صلى الله عليه وسلم لعن الخامشة وجهها والشاقة جيبها والداعية بالويل والثبور ) رواه ابن ماجة ، وقال الشيخ الألباني: صحيح .

وخلاصة الأمر أن هذه الأحاديث تدل على حرمة الأمور المذكورة من لطم الخدود ، وشق الجيوب ونشر الشعر ، لأن ذلك يعني عدم الرضا بالقضاء .