تفسير الرؤيا علم يفيض الله به على من يشاء، وأقدر الناس على تفسير الرؤيا هم أهل القرآن الذين فهموا القرآن وعملوا به،وينبغي للرائي ألا يقص رؤياه إلا على من له علم بالتأويل، فالرؤيا جزء من النبوة والنبوة لا يُلعب بها.

يقول فضيلة الشيخ عبد الله بن محمد المطلق -عضو هيئة كبار العلماء بالسعودية-:
تفسير الرؤيا علم يهبه الله لمن يشاء من عباده وله ارتباط بكتاب الله وبسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وقد ذكر القرآن الكريم عن نبي الله يوسف عليه السلام أنه قال: {ذلكما مما علمني ربي} وقال أيضاً: {ربي قد آتيتني من المُلك وعلمتني من تأويل الأحاديث}… الآية، فهوعلم يقوم على التأويل فإن الله تعالى يخلق للنائم أمثلة في التخيل ويجعلها أعلاماً على ما كان أو ما سيكون.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: مدار علم تعبير الرؤيا على القياس والاعتبار والمشابهة التي بين الرؤيا وتأويلها ويؤخذ من ذلك ما في الأسماء واللغات من الاستعارة والتشبيه.

وقد بيّن صلى الله عليه وسلم أن الحلم من الشيطان وأن الرؤيا الصالحة من الله وأنها جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة، وروى أبو رزين العقيلي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الرؤيا معلقة برجل طائر ما لم يحدّث بها صاحبها فإذا حدث بها وقعت فلا تحدّثوا بها إلا عاقلاً أو محباً أو ناصحاً» رواه الترمذي وقال حسن صحيح.

قيل للإمام مالك أيعبّر الرؤيا كل أحد؟

قال أبالنبوة يلعب وقال مالك أيضاً: لا يعبّر الرؤيا إلا من يحسنها فإن رأى خيراً أخبر به وإن رأى مكروهاً فليقل خيراً أو ليصمت. قيل فهل يعبّرها على الخير وهي عنده على المكروه لقول من قال إنها على ما تأولت عليه؟ فقال: لا. ثم قال: الرؤيا جزء من النبوة فلا يتلاعب بها. أ.هـ

وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية ما يلي:
الحلم والرؤيا إن كان كل منهما يحدث في النوم إلا أن الرؤيا اسم للمحبوب فلذلك تضاف إلى الله سبحانه وتعالى , والحلم اسم للمكروه فيضاف إلى الشيطان لقوله صلى الله عليه وسلم: (الرؤيا من الله , والحلم من الشيطان) , وقال عيسى بن دينار: الرؤيا رؤية ما يتأول على الخير والأمر الذي يسر به , والحلم هو الأمر الفظيع المجهول يريه الشيطان للمؤمن ليحزنه وليكدر عيشه.

هذا ولا تقص الرؤيا على غير شفيق ولا ناصح , ولا يحدث بها إلا عاقل محب , أو ناصح , لقوله تعالى: (قال يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا) ، ولقوله صلى الله عليه وسلم: (لا تقص الرؤيا إلا على عالم أو ناصح) .

وأن لا يقصها على من لا يحسن التأويل , لقول مالك: لا يعبر الرؤيا إلا من يحسنها , فإن رأى خيرا أخبر به , وإن رأى مكروها ، فليقل خيرا أو ليصمت , قيل : فهل يعبرها على الخير وهو عنده على المكروه لقول من قال : إنها على ما تأولت عليه , فقال : لا , ثم قال : الرؤيا جزء من النبوة , فلا يتلاعب بالنبوة.

وإذا رأى ما يكره فليتعوذ بالله من شرها ومن شر الشيطان , وليتفل ثلاثا , ولا يحدث بها أحدا فإنها لا تضره , وإذا رأى ما يحب فعليه أن يحمد , وأن يحدث بها.

-لقوله صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه البخاري عن عبد ربه بن سعيد قال : سمعت أبا سلمة يقول: ” لقد كنت أرى الرؤيا فتمرضني حتى سمعت أبا قتادة يقول: وأنا كنت أرى الرؤيا تمرضني حتى سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (الرؤيا الحسنة من الله , فإذا رأى أحدكم ما يحب فلا يحدث به إلا من يحب , وإذا رأى ما يكره فليتعوذ بالله من شرها ومن شر الشيطان وليتفل ثلاثا , ولا يحدث بها أحدا فإنها لن تضره) .
-ولقوله صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه البخاري أيضا عن أبي سعيد الخدري (إذا رأى أحدكم الرؤيا يحبها فإنها من الله فليحمد الله عليها وليحدث بها , وإذا رأى غير ذلك مما يكره فإنما هي من الشيطان , فليستعذ من شرها ولا يذكرها لأحد فإنها لن تضره).

ومن فهم القرآن فإنه يعبر به الرؤيا أحسن تعبير , وأصول التعبير الصحيحة إنما أخذت من مشكاة القرآن:

-فالسفينة تعبر بالنجاة , لقوله تعالى : { فأنجيناه وأصحاب السفينة } وتعبر بالتجارة .

-والطفل الرضيع يعبر بالعدو لقوله تعالى: (فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا) .

-والرماد بالعمل الباطل لقوله تعالى: (مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح).

فإن الرؤيا أمثال مضروبة ليستدل الرائي بما ضرب له من المثل على نظيره , ويعبر منه إلى شبهه .