هذه الحالة قد لا تحدث في البلاد الإسلامية إلا في حالة نادرة جدا، ولكن قد تحدث في بلاد الغرب إذا حدث خلاف بين جماعة المسجد، فيقوم أحد الطرفين بالعمل على بناء أو إقامة مسجد آخر مجاور للمسجد الأول.

يقول فضيلة الشيخ فيصل مولوي-رحمه الله تعالى- نائب رئيس المجلس الأوروبي للبحوث والإفتاء :

الأصل في المسجد أن يقام لتجتمع فيه كلمة المسلمين، ولتأدية صلاة الجماعة، ولذلك فلا يجوز إقامة مسجد آخر بقرب المسجد الأول، إذا كان القصد من ذلك تفريق جماعة المسلمين. أما إذا كان الخلاف قائماً أصلاً، وكان بعض المسلمين لا يستطيعون إقامة صلاتهم أو نشاطاتهم في المسجد الأول، أوهم قد طردوا منه، فليس أمامهم حل لإقامة الجماعة واستمرار النشاط إلا إقامة مسجد آخر، فتكون إقامة المسجد الآخر في هذه الحالة من باب الضرورة. خاصة إذا جرت محاولات التوفيق والإصلاح بين الطرفين وفشلت. ولا أستطيع تحميل مسؤولية الفشل في الإصلاح لهذا الفريق أو ذاك. وفي جميع الحالات أعتقد أنه من الواجب استمرار السعي للمصالحة حتى يكون للمسلمين في المكان الواحد مسجد واحد تجتمع فيه كلمتهم وإلى أن يتم ذلك أقول:

1- لا يجوز فتح مسجد ملاصق لمسجد قائم إلا في حالة الضرورة.

2-يجوز الصلاة في المسجد الجديد كما في المسجد القديم مع استمرار السعي للمصالحة بين القائمين على أمور المسجدين، ولو رفض أحد الفريقين إحدى صيغ المصالحة المعروضة لأنه قد تكون هذه الصيغة غير عادلة فعلاً.

3-التبرعات التي قدمت للمسجد الأول لا يجوز صرفها للمسجد الثاني طالما أن المسجد الأول موجود وتقام فيه الصلاة، لأن التبرع لا يمكن الرجوع فيه، وقد تم على أساس أنه تبرع للمسجد الأول فلا يمكن تغيير وجهة صرفه إلا إذا لم يعد المسجد الأول موجوداً.

وأضيف:

إن الخلاف حين يقع بين المسلمين لا يمكن حله بالفتوى. إنما يحل بالقضاء. وإذا كان البلد غير إسلامي فلا يوجد قضاء إسلامي فيه، فإني أقترح اللجوء إلى التحكيم. وهذا يقتضي أن يتفق الطرفان على حل الخلاف عن طريق هيئة تحكيم تتألف من حكم واحد إذا تراضى عليه الطرفين، أو أن ينتدب كل طرف حكماً من قبله، ثم يتم الاتفاق على حكم ثالث مرجح. ويفوض الطرفان لهذه لهيئة التحكيم أن تحل الخلاف بما تراه حسب الشريعة الإسلامية ويلتزمان خطياً بتنفيذ قرارها أياً كان، محافظة على وحدة المسلمين.

وإذا لم يتيسر لأصحاب الخلاف اللجوء إلى التحكيم، فإني أقترح عليهم الاستقالة الكاملة من جميع المسؤوليات من المسجدين الأول والثاني، فلعل المسلمين يختارون من يقوم بمسؤوليات المسجد وتلتقي عليه كلمتهم بعيداً عن الحساسية القائمة بين الطرفين.