زيارة القبور يُرَاد منها في الأصل تذكُّر الموت والاعتبار بعِظته، كما يراد منها الدعاء والترحم على مَنْ مات من المسلمين، فإذا خرجت الزيارة عن هذا القصد إلى ارتكاب بدعة أو مُحرَّم، أو إتيان ما لا يتفق والدِّين كانت الزيارة للقبور حرامًا، ووجب الامتناع عنها.
وعلى هذا الأساس يمكن أن يقال: إن الإنسان المسلم إذا زار أي قبر ـ لمسلم أو لغير مسلم ـ وكان القصد أولاً وأخيرًا من هذه الزيارة هو مجرد العظة والاعتبار بالموت، واستحضار معنى أن الإنسان سيموت كما مات ويموت كلُّ حي، فإن ذلك أمر غير ممنوع.

ولكن إذا زار المسلم قَبْرًا لغير مسلم على سبيل التكريم أو التعظيم أو التوقير؛ فإن ذلك يكون حرامًا، ولا يجوز لمسلم أن يفعله، فإن تعظيم القبور أو أهلها نوع من الوثنية، ولا يتفق وعقيدة التوحيد التي تُخْلِصُ العبادة والتقديس لله ـ جل جلاله ـ. ولم يحدُثْ في عهد الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولا في عهد الصحابة ـ رضوان الله عليهم أجمعين ـ أنْ قام أحد هؤلاء بوضع باقة من الأزهار أو ما يُشبهها على قبر شخص غير مسلم.
والمجاملة التي تقتضيها الظروف الاجتماعية أو العلاقات الإنسانية بين المسلمين وغير المسلمين يمكن أن تَتمَّ بصورة مُرْضية دون أن تَمَسَّ العقيدة أو تُخالِف الشعائر الدينية.