لا مانع شرعًا من أن تستخدم المرأة حبوبًا لتأخير الحيض، حتى تستكمل أداء بعض العبادات، على ألا يكون هناك ضرر من استخدام هذه الحبوب، وبعد مراجعة الطبيب المختص، والأفضل ترك الأمور على طبيعتها وقضاء العبادات بعد الطهارة من الحيض.

يقول فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي:

أجمع المسلمون على أن المسلمة التي تأتيها العادة الشهرية في رمضان المبارك لا صيام عليها، أي : لا صيام عليها في الشهر، وإنما يجب عليها القضاء، وذلك تخفيف من الله ورحمة بالمرأة الحائض حيث يكون جسمها متعبًا وأعصابها متوترة، فأوجب عليها الإفطار إيجابًا وليس إباحة .. فإذا صامت لا يقبل منها الصيام ولا يجزئها، لابد أن تقضي أيامًا بدل هذه الأيام، وهكذا كان يفعل النساء المسلمات منذ عهد أمهات المؤمنين والصحابيات رضي الله عنهن ومن تبعهن بإحسان – ولا حرج إذن على المرأة المسلمة إذا وافتها هذه العادة الشهرية أن تفطر في رمضان، وأن تقضي بعد ذلك كما جاء عن عائشة: كنا نؤمر بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة. (رواه البخاري).

وأنا أفضل شخصيًا أن تسير الأمور على الطبيعة وعلى الفطرة . فما دام هذا الحيض أمرًا طبيعيًا فطريًا فليبق كما هو على الطبيعة التي جعلها الله عز وجل، ولكن إذا كان هناك نوع من الحبوب والأدوية تتعاطاها بعض النساء، لتأجيل الحيض كما هو معروف من حبوب منع الحمل، وأرادت بعض النساء أن يتناولن هذه الحبوب لتأخير العادة عن موعدها حتى لا تفطر بعض أيام رمضان، فهذا لا بأس به بشرط أن تتأكد من عدم إضراره بها، وذلك باستشارة أهل الذكر، أهل الخبرة . باستشارة طبيب حتى لا تتضرر من تناول هذه الحبوب . فإذا تأكد لها ذلك وتناولت هذه الحبوب وتأخرت العادة وصامت، فإن صيامها مقبول إن شاء الله.

ويقول الدكتور عبد الفتاح إدريس :

إن نزول دم الحَيْض على المرأة يمنعها من أداء بعض العبادات شرعًا كالصلاة والصيام لِما رُوِيَ عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال للنساء: “أليس إحداكنَّ تَمْكُثُ اللياليَ لا تصلي، ولا تصوم”، وفي رواية أخرى: “أليس إذا حاضت المرأة لم تُصَلِّ ولم تَصُمْ”، كما يمنعها من قراءة القرآن؛ لِما رُوِيَ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال: “لا يَقرأُ الجُنُب ولا الحائض شيئًا من القرآن”، ويمنعها كذلك من الطواف بالبيت، والسَّعْي بين الصفا والمروة؛ لِما رُوِيَ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال لعائشة بعد أن نزل عليها دمُ الحيض، وهي متلبسة بأداء الحج معه: “افْعَلِي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تَطْهُري”، وقال لأسماء بنت عُمَيْس، وقد حاضت في الحج: “افعلي كلَّ ما يفعل الحاج، غير أن لا تطوفي بالبيت، ولا تَسْعَيْ بين الصفا والمروة” ويمنعها نزول دم الحيض من دخول المسجد لحضور درس علم أو نحوه، أو لغير ذلك؛ لِما رُوِيَ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال: “لا أُحِلَّ المسجد لحائض ولا لجُنُب”.

ولهذا فقد تلجأ المرأة إلى اتخاذ وسيلة تُؤَخِّر بها نزولَ دم الحيض فترة من الزمن حتى تنتهيَ من صيام وجب عليها أداءً أو قضاءً، أو تفرُغ من أداء مناسك الحج أو العمرة، أو لتتخلَّص من آلام الحيض وما يُصاحبه من اضطرابات بدَنية تؤثِّر على الاستيعاب والتركيز، إذا كانت تؤدي الامتحان.

ويرى الأطباء أن بإمكان المرأة أن تؤخر نزولَ دم الحيض عليها لمدة أسبوع قبل موعد نزوله المُعتَاد، إذا تناولت قرصًا من أقراص منع الحمل يوميًّا، حتى تنتهيَ من الأعمال التي تَلَبَّسَتْ بها، والتي ترغَب في عدم نزول دم الحيض عليها أثناءها، فإذا ما توقَّفت عن تناول هذه الأقراص فإن الدم ينزل عليها في خلال ثلاثة أيام من تاريخ التوقُّف، وهناك وسائل أخرى غير هذه يمكن بها تأخير نزول دم الحيض، أسفرت عنها الطفرة الهائلة في المجال الطبي.

ولا يُمتنَع عند فقهاء المسلمين جواز تناول المرأة دواءً، أو اتخاذها وسيلة تُؤَخِّر بها نزول دم الحيض عليها، حتى تنتهيَ من العبادات أو نحوها، إذا ما تَلَبَّسَتْ بها، ورَغَبَتْ في الفراغ منها قبل موعد نزول دم الحيض، إذا لم يترتب على تناولها هذا الدواء، أو اتخاذها هذه الوسيلة الإضرار بها، ويُحْكَم بالطُّهْر لمَن رفعت حيضَتها عن النزول في وقتها المعتاد، وقد رُوِيَ عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أنه سُئِلَ عن الحائض تشرب الدواء ليرتفعَ حيضُها حتى تَطوف وتَنفِر، فأجاز ذلك، ووصف لها ماء الأراك، بل إن فقهاء الحنابلة يَرَوْن جواز تناول المرأة دواء لقطع الحيض مطلقًا، إذا كان الدواء مُباحًا لا يَضُر المرأة تناوله.

ومَن ثَمَّ فلا حرج على المرأة أن تَتَّخِذ وسيلة من دواء أو غيره تؤخر بها نزول دم الحيض عليها حتى تَفْرُغ من الأعمال التي تَلَبَّسَتْ بها، سواء كانت عبادات أو غيرها، بشرط أن تكون هذه الوسيلة مباحة شرعًا، وأن لا يترتب على اتخاذ المرأة لها الإضرار بها.