الإنجاب حق للزوجين معا، ولا يجوز لواحد أن يمتنع عن الأخذ بالأسباب فيه،إلا برضا الطرف الآخر، وذلك أن الإنجاب مقصد أصيل من مقاصد الزواج في الإسلام .

فإن كان الزوج موافقا على عدم الإنجاب، بمعنى تأخيره ، حتى تنتهي من دراسة الزوجة ، فلا مانع من ذلك شرعا، وليس هناك إثم على اتخاذ هذا القرار .

يقول الدكتور فؤاد مخيمر الأستاذ بجامعة الأزهر -رحمه الله – :
إن من سمات الزواج وثماره الإنجاب، اللهم إلا إن كان هناك موانع عند الزوجين أو أحدهما، وقَبِلَ كلُّ طرف الحياةَ مع الآخر بحب ومودة ورحمة؛ فلا بأس، وبالصبر ينالان الأجر من الله تعالى .انتهى

ويقول الشيخ فيصل مولوي-رحمه الله تعالى- نائب رئيس المجلس الأوربي للإفتاء والبحوث :

اتّفق الفقهاء على إباحة العزل عن الزّوجة إذا وافقت على ذلك . بل يرى أكثرهم أنّه يجوز العزل ولو بغير رضاها. والتّوقّف عن الإنجاب ناتج عن العزل، وهو منع منيّ الرّجل من الوصول إلى الرّحم. وكلّ أسلوب علمي يؤدّي لتحقيق هذه النّتيجة فهو جائز عند الجمهور، خاصّة عند وجود السّبب الذي يدعو إلى ذلك. لكن مع موافقة الزّوجة يصبح جائزاً عند الجميع.انتهى

ويقول الشيخ عبد الخالق الشريف من الدعاة والعلماء بمصر – :

جعل الله سبحانه وتعالى من مقاصد الزواج الذرية حتى تستمر الحياة على الأرض، وحتى تشبع الفطرة الإنسانية، ولكن ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن لمن أراد العَزْل أن يعزل، وأخبره أن قضاء الله نافد لا محالة، وعلى هذا أجاز بعض العلماء حدوث هذا الأمر بين الزوج والزوجة إذا اتفقا. ولكن لا يرضون أن يتم العزل وشبيهه “عدم الإنجاب” إذا لم ترضَ الزوجة لما فيه من منع حقها أو تأجيله في أن تكون أمًّا قائمة على رعاية الأولاد، وتحقيق ما تتمناه في فطرتها السليمة .انتهى

ويقول فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي – :
لا مانع من العزل إذا اتفق عليه الزوجان، وقد كان الصحابة يعزلون لأعذار وأسباب، ولم ينههم الرسول صلى الله ليه وسلم، كما جاء في الصحيح .

فلا ريب أن بقاء النوع الإنساني من أول أغراض الزواج أو هو أولها وبقاء النوع إنما يكون بدوام التناسل، وقد حبب الإسلام في كثرة النسل، وبارك الأولاد ذكورًا وإناثًا ولكنه رخص للمسلم في تنظيم النسل إذا دعت إلى ذلك دواع معقولة وضرورات معتبرة، وقد كانت الوسيلة الشائعة التي يلجأ إليها الناس لمنع النسل أو تقليله – في عهد الرسول – صلى الله عليه وسلم – هي العزل (وهو قذف النطفة خارج الرحم عند الإحساس بنزولها) وقد كان الصحابة يفعلون ذلك في عهد النبوة والوحي كما رُوى في الصحيحين عن جابر “كنا نعزل في عهد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – والقرآن ينزل” وفي صحيح مسلم قال: “كنا نعزل على عهد رسول الله فبلغ ذلك رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فلم ينهنا “.

وجاء رجل إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – فقال: يا رسول الله . إن لي جارية وأنا أعزل عنها، وإني أكره أن تحمل وأنا أريد ما يريد الرجال، وإن اليهود تحدث: أن العزل الموءودة الصغرى ! ! فقال عليه السلام: “كذبت اليهود، ولو أراد الله أن يخلقه ما استطعت أن تصرفه” (رواه أصحاب السنن) . ومراد النبي – صلى الله عليه وسلم – أن الزوج – مع العزل – قد تفلت منه قطرة تكون سببًا للحمل وهو لا يدري .

وفي مجلس عمر تذاكروا العزل فقال رجل: إنهم يزعمون أنه الموءودة الصغرى، فقال علي: لا تكون موءودة حتى تمر عليها الأطوار السبعة، حتى تكون سلالة من طين ثم تكون نطفة ثم علقة ثم عظامًا ثم تكسى لحمًا ثم .
تكون خلقًا آخر . فقال عمر: صدقت . . أطال الله بقاءك .