الأصل أن يقرأ المصلي في الركعتين الأوليين الفاتحة وسورة بعدها ، أما بعد الركعتين فيقتصر على قراءة الفاتحة فقط ، وهو مذهب جماعة كثيرة من أهل العلم ، لكن إن قرأ المصلي سورة مع الفاتحة بعد الركعتين الأوليين فلا بأس، ولكن دون أن يداوم على ذلك .

يقول الدكتور حسام الدين بن موسى عفانة – أستاذ الفقه وأصوله – جامعة القدس – فلسطين :

إن الأصل في الصلاة هو اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم وأن نفعل مثلما فعل بغير زيادة ولا نقصان فقد ثبت في الحديث الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم قال :( صلوا كما رأيتموني أصلي ) رواه البخاري .

وقد اتفق أهل العلم على أن المصلي إذا كان إماماً أو منفرداً فإنه يقرأ في الركعتين الأوليين الفاتحة وسورة بعدها .

عن أبي قتادة رضي الله عنه :( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الظهر في الأوليين بأم الكتاب وسورتين وفي الركعتين الأخريين بأم الكتاب ويسمعنا ويطول في الركعة الأولى مالا يطيل في الركعة الثانية وهكذا في العصر وهكذا في الصبح ) رواه البخاري ومسلم .

وفي رواية أخرى عند مسلم :( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الركعتين الأوليين من الظهر والعصر بفاتحة الكتاب وسورة ويسمعنا الآية أحياناً ، و يقرأ في الركعتين الأخريين بفاتحة الكتاب ).

وقد بوب الإمام البخاري لحديث أبي قتادة رضي الله عنه بقوله باب ( يقرأ في الأخريين بفاتحة الكتاب ). قال الحافظ ابن حجر العسقلاني :[ يعني بغير زيادة وسكت عن ثالثة المغرب رعاية للفظ الحديث مع أن حكمهما حكم الأخريين من الرباعية … ] فتح الباري 2/403.

وبناءاً على هذه الأحاديث فإن المصلي يقتصر على قراءة الفاتحة فقط في الركعتين الأخيرتين من الصلاة الرباعية وكذا الثالثة من الصلاة الثلاثية ، وهذا في معظم صلاته ، وهو مذهب جماعة كثيرة من أهل العلم .

وإن قرأ المصلي في الثالثة و الرابعة وكذا في ثالثة المغرب سورة مع الفاتحة فلا بأس ولكن دون أن يداوم على ذلك . فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أحياناً يقرأ السورة في الثالثة والرابعة بعد الفاتحة كما جاء في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه :( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الظهر في الركعتين الأوليين في كل ركعة قدر ثلاثين آية وفي الأخريين قدر خمس عشرة آية أو قال نصف ذلك، وفي العصر في الركعتين الأوليين في كل ركعة قدر خمس عشرة آية ، وفي الأخريين قدر نصف ذلك ) رواه مسلم . فقول أبي سعيد رضي الله عنه :(وفي الأخريين قدر خمس عشرة آية ) يدل على أنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الأخريين من الظهر بزيادة على الفاتحة؛ لأنها ليست إلا سبع آيات . انظر نيل الأوطار 2/254 والفتح الرباني 3/209 .

وقال الشيخ الألباني معلقاً على هذا الحديث :[ وفي الحديث دليل على أن الزيادة على الفاتحة في الركعتين الأخريين سنة وعليه جمع من الصحابة منهم : أبو بكر الصديق رضي الله عنه، وهو قول الإمام الشافعي سواء ذلك في الظهر أو غيرها … ] صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ص 94 .

قال الإمام الماوردي :ـ بعد أن ذكر أن في المسألة قولين للإمام الشافعي :[ والقول الثاني إنها سنة في الأخريين كما كانت سنة في الأوليين ، وهو في الصحابة قول أبي هريرة وابن عمر رضي الله عنهما لرواية رفاعة بن رافع رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال للرجل حين علمه الصلاة :( ثم اقرأ بأم القرآن وما شاء الله عز وجل أن تقرأ به ثم اصنع ذلك في كل ركعة ) الحاوي الكبير 2/135 . وذكر الإمام النووي أن القول الثاني للشافعي في سنية قراءة سورة مع الفاتحة في الأخريين هو نص الشافعي في الأم وقد صححه جماعة من فقهاء الشافعية . المجموع 4/386 .