الحلف بالطلاق أمر مذموم شرعا، ففي الحديث الصحيح : ( من كان حالفا فليحلف بالله)، كما أن الغضب مذموم ، وهو من الشيطان ، وعلى المسلم إذا غضب أن يستعيذ بالله من الشيطان ، ويستحب له أن يتوضأ ليطفئ نار الغضب ، وليجلس ويهدأ ولا يترك العنان للسانه ينطق به ما لا تحمد عقباه .
والعلماء يرون أن الحلف بالطلاق الذي لا يقصد به الطلاق لا يقع به طلاقا ، وبعضهم يرى وجوب كفارة ككفارة اليمين إن كان معلقا على شيء ، وكذلك فإن طلاق الغضبان لا يقع إذا وصل الغضب إلى حد لا يدري معه الغاضب ما يقول.

يقول الدكتور عبد الفتاح عاشور، الأستاذ بجامعة الأزهر:
لابد أن يدرك الناس أن الكلمة لها خطرها، ينطق بها اللسان فيترتب عليها النجاة أو الهلاك ، ينطق الإنسان بكلمة التوحيد فيكون من الناجين الفائزين، وينطق بكلمة الكفر فيكون من الهالكين الخاسرين، ينطق أمام الولي والشهود بقوله لولي الفتاة زوجني ابنتك، أو أختك فيقول له: زوجتك.. فتصبح هذه الفتاة زوجة له يطلع منها على ما لا يجوز لأب أو لأم أن يطلع عليه ، ولهذا قال رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ وهو يوصي بالنساء خيرا:
( أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله )..

وهذا العقد الموثق الغليظ عقد الزواج يمكن أن ينفصل بأن ينطق الزوج بكلمة الطلاق ، وهي كلمة تعني حل عقدة النكاح ، فحتى لا يكون الزواج سجنا لا فكاك منه فهناك للزوج الطلاق وللزوجة الخلع، وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته.

فما بال بعض المسلمين وقد اتخذوا دينهم هزوا ولعبا، وكلما ثار الواحد منهم أو غضب لم يجد سوى هذه الكلمة الخطيرة ينطق بها، فإذا ما سئل قال أنه لم يكن يقصد وأن نيته سليمة، فالأولى بالمسلم أن يربأ بنفسه وأهل بيته عن هذا العبث، وألا يضع نفسه هذا الوضع فيدمر حياته وحياة زوجته وأبنائه، وليس هذا من شأن العقلاء من الناس، وإذا كان لنا أن نلتمس مخرجا لمثل هذه الحالة فهناك الطلاق المعلق على فعل شيء أو تركه ، وهو الغالب في مثل هذه الحالات ، وما عليه الفتوى أن مثل هذا الطلاق لا يقع إذا قصد به الحمل على فعل شيء أو تركه، ولم يقصد به وقوع الطلاق عند حصول الشيء المعلق عليه.

وهناك طلاق الغضبان، وفيه حديث عائشة رضي الله عنها: لا طلاق في إغلاق ، وقد فسره الإمام أحمد بالغضب، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: حقيقة الإغلاق أن يغلق على الرجل فلا يقصد الكلام أو لا يعلم به كأنه انغلق عليه قصده وإرادته.

فإذا حلف الزوج بطلاق معلق ولم ينوا الطلاق فهو ونيته، وإن حلف في حالة من الغضب بحيث لا يدري ما يقول فإذا ما سكن غضبه ندم على ما كان منه فهذا طلاق لا يترتب عليه شيء، ولكن عليه أن يقلع عن هذا الفعل الذميم وأن يحافظ على بيته وأبنائه والله المستعان.( انتهى).

وهذا إذا كان الزوج يحلف على طلاق معلق على فعل شيء أو عدمه ، كأن يقول : على الطلاق لتفعلين كذا ، أو لا تفعلي كذا .
أما إذا كان مجرد الحلف بالطلاق ، كأن يقول في أمر ما : علي الطلاق ما فعلت كذا ، أو فعلت كذا ، فإن هذا لا يعد طلاقا إذا لم ينو الطلاق باتفاق الفقهاء ، مع أنه غير جائز للنهي عن الحلف بغير الله تعالى .