الأصل أنه ليست للجمعة سنة قبلية ، حيث كان الأمر في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ، أن يحضر الإمام ويصعد المنبر عند دخول وقت الظهر فيؤذن للجمعة أذانا واحدا تعقبه الخطبة.

ولكن في عهد سيدنا عثمان رضي الله عنه زاد أذانا للجمعة لما رأى الناس يتشاغلون ، ليستعدوا بالأذان الأول قبل بداية الخطبة عند الأذان الثاني ، وأقره الصحابة ، وحيث وجد أذانان فيسن الصلاة بينهما بنية الصلاة بين الأذانين ، لا بنية أنها سنة الجمعة ، هذا مذهب الجمهور ، ولكن يرى الشافعية أن للجمعة سنة قبلية.

يقول الدكتور عبد الفتاح عاشور :
قد كان الحال على عهد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعهد أبي بكر وعمر وصدر من خلافة عثمان ـ رضي الله عنهم ـ أن المؤذن يؤذن حين يصعد الإمام المنبر لأداء الخطبة ، فلما كثر الناس اشتدت حاجتهم إلى ما ينبههم إلى وقت دخول الصلاة، فزيد أذان للعلم بدخول الوقت، ثم إذا صعد الإمام المنبر أذن المؤذن بين يديه ، وقد سماه العلماء “أذان الإنصات” ، أي ليعلم الناس أن الخطيب صعد المنبر للخطبة وعليهم أن ينصتوا وأن يستمعوا إليه ، وأجمع على هذا الصحابة من عهد عثمان رضي الله عنه ، واستمر ذلك إلى يوم الناس هذا، وكان من يدخل المسجد قبل ما كان من خلافة عثمان رضي الله عنه يصلي ما شاء الله له أن يصلي ، حتى إذا صعد الإمام المنبر وأُذّن بين يديه جلس الجميع يستمعون الخطبة، ولم تكن هناك فرصة بعد الأذان لصلاة أخرى إلا من جاء متأخرًا فإنه يصلي ركعتين خفيفتين ثم يجلس .

فلما كان ما كان من الأذان الأول ثم الثاني أصبح من السنة أداء ركعتين لا على أنهما سنة الجمعة القبلية كما ذكرت، وإنما هي سنة الأذان لما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: بين كل أذانين صلاة، أي ما بين الأذان والإقامة، فمن صلى الركعتين قبل صعود الإمام للمنبر صلاها ركعتين، وإن صلاها في المسجد صلاها أربعا كما جاء بذلك الأحاديث. فإذا ما أرادوا أن يصيبوا السنة وأن يحققوها جعلوا الركعتين سنة الأذان.

وقد قاس الشافعية صلاة الجمعة على الظهر فجعلوا أداء ركعتين قبلها سنة مؤكدة، ولكن ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وما ورد عنه يتعارض مع ما ذهبوا إليه.