صدقة التطوع لا تسقط الزكاة بل يجب على من ملك نصابا أن يخرج زكاة ماله إذا حال عليه الحول، إذا كان حولان الحول شرطا لإخراج الزكاة، أما أصحاب المزارع والمهن التي تدر على أصحابها دخولا متجددة فالحول ليس شرطا في الزكاة، بل على أصحابها أن يخرجوا زكاة مالهم مع كل دورة يتحقق لهم فيها الربح والنماء.

يقول فضيلة الدكتور عبد العزيز عزام-أستاذ الفقه -:

يقول الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض..) فأمر سبحانه وتعالى بوجوب الإنفاق من الكسب الطيب بتجارة أو صناعة أو زراعة أو اصطياد أو نحو ذلك من كل وسائل الكسب الطيب، ويدخل في ذلك مزارع الدواجن، وكل كسب مباح، فأمر الله ـ تعالى ـ الأغنياء من عباده بأن يأتوا الفقراء مما آتاهم على الوجه الذي فعله رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فدل ذلك على وجوب الزكاة في كل مال يكتسبه الإنسان، ويؤيده قوله تعالى في أبي لهب: (ما أغنى عنه ماله وما كسب) فماله هو ما ورثه عن أبيه، وما كسب: هو ما جمعه من التجارة.

وهناك آيات أخرى توجب الزكاة في كل مال قليلاً كان أو كثيرًا، ومنها قوله تعالى: (وفي أموالهم حق للسائل والمحروم)، (والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم)، (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها..)

ولم يأتِ دليل من كتاب ولا من سنة يعفي أموال تجار المسلمين من هذا الحق المعلوم الذي بإخراجه يتطهر المسلم ويتزكى، ولهذا أوجب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على كل مسلم صدقة من ماله، أو من كسبه وعمله، أو مما يستطيع، وروى البخاري عن أبي موسى الأشعري عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: “على كل مسلم صدقة، فقالوا: يا نبي الله فمن لم يجد؟ قال: يعمل بيده فينفع نفسه ويتصدق، قالوا: فإن لم يجد؟ قال: يعين ذا الحاجة الملهوف، قالوا: فإن لم يستطع؟ قال: فليعمل بالمعروف وليمسك عن الشر، فإنها له صدقة”.

ولا شك في أن مراعاة حاجة الفقراء واجب على كل قادر مما رزقه الله، فيجب على أصحاب مزارع الدواجن والمهن والمستغلات التي تدر على أصحابها دخولاً متجددة أن يخرجوا الصدقة الواجبة في كل دورة دون انتظار لحَوَلان الحول عليها؛ لأنها أشبه بالزروع والثمار، وقد قال الله تعالى: (وآتوا حقه يوم حصاده..) ولأن انتظار الحول عليها يجعل كثيرًا من الناس يكسبون وينفقون، وينعمون دون أن ينفقوا مما رزقهم الله في سبيل الله، ويواسوا من لم يؤته الله نعمة الغنى، أو القدرة على الاكتساب.

وليعلم كل من كان عنده مال أن المال المزكى محصن ومحفوظ في حرز الله؛ لأنه طيب مبارك، والمال الذي ليس بمزكى ضائع وخبيث وغير مبارك، ويكون وبالاً على صاحبه يوم القيامة لقوله صلى الله عليه وسلم: “إذا أديت زكاة مالك طيبة بها نفسك فقد أذهبت عنك شره.