المسلم لا يتعجل استجابة الدعاء ،بل عليه أن يلح في الدعاء ويكرره ،عسى الله أن يعجل له بالاستجابة.

واستجابة الدعاء لها ثلاث صور؛ إما أن يعجل الله استجابة دعاء العبد ،وإما أن يرفع بها عنه بلاء كان نازلا،وإما أن يدخر له ثواب دعائه يوم القيامة .
وعلى المسلم أن يتخير الأوقات والأحوال التي يكون فيها الدعاء أقرب إلى القبول.

يقول الدكتور عبد الرحمن العدوي :

فقد قال الله تعالى: (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون)، وقال تعالى: (وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين). ففي هذه الآيات وعد من الله لعباده أن يستجيب لهم إذا دعوه، ووعد الله لا يتخلف، وفيها أنه قريب من عباده يدعوه العبد مباشرة لا يحتاج إلى واسطة بينه وبين ربه، وذلك من فضل الله على عباده المؤمنين، والمؤمن لا يترك سؤال الله ودعاءه بحاجته، ويلح في الدعاء، ولا يستبطئ الإجابة، فينقطع عن الدعاء، فإنه لا يدري أين يكون الخير، ولعل ما ادخره الله له خير مما يسأله ويريده، والله بكل شيء عليم.

وفي الحديث الشريف عن أبي هريرة أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: “يُستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول دعوت ربي فلم يستجب لي” متفق عليه.

وليس بالضرورة أن تكون الاستجابة بما يدعو به الإنسان، فقد يدخر الله له من الخير ما هو أفضل مما يدعو به ويتمناه، فعن عبادة بن الصامت ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: “ما على الأرض مسلم يدعو الله تعالى بدعوة إلا آتاه الله إياها، أو صرف عنه من السوء مثلها، أو يدخر له من الأجر مثلها ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم . فقال رجل من القوم: إذًا نكثر ـ أي من الدعاء ـ قال رسول الله: الله أكثر” أي أكثر إحسانًا مما تسألون.

وللدعاء أوقات تُرجى فيها الاستجابة من الله تعالى، ففي الحديث الشريف: “أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا من الدعاء” رواه مسلم. وقيل لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أي الدعاء أسمع؟ قال: “جوف الليل الآخر ودبر الصلوات المكتوبات، رواه الترمذي.
وفي يوم الجمعة ساعة إجابة، لا يوافيها مسلم إلا استجاب الله له، ومن دواعي الاستجابة أن يطلب الإنسان ممن يتوسم فيه الصلاح أن يدعو له بظهر الغيب، فعن أبي الدرداء أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يقول: “دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة، عند رأسه ملك موكل كلما دعا لأخيه بخير، قال الملك الموكل به ولك بمثل” رواه مسلم. فأكثر أيها المسلم من الدعاء، ولا تستعجل، ولا ينقطع دعاؤك فتنقطع صلتك بالله، وتحرى أوقات الاستجابة، وثق في أن ما عند الله خير وأبقى.