اختلف العلماء حول رؤيا النبي ـ صلى الله عليه ـ وسلم في المنام، فمن العلماء من يرى أن من رأى النبي صلى الله عليه وسلم، فقد رآه حقا، وقيل: إن رؤيا النبي صلى الله عليه في المنام تكون على حالة الرائي، وقيل:إن كانت الرؤيا حسنة، فقد رأى الرسول صلى الله عليه وسلم، أما إن كان حال النبي صلى الله عليه وسلم في الرؤيا على غير ما عرف به، فإن الرؤيا تحتاج إلى تأويل، وهذا هو الأقرب للصواب..

يقول الدكتور أحمد عبدالكريم نجيب مدرس الشريعة بكليّة الدراسات الإسلاميّة في سراييفو:

رؤية النبيّ صلى الله عليه و سلّم في المنام حقّ، و من رآه في منامه فقد رآه حقيقةً لأنّ الشيطان لا يتمثّل بالنبيّ عليه الصلاة و السلام .
روى الشيخان و أصحاب السنن و أحمد بألفاظ متقاربة، عَنْ ‏أَنَسٍ ‏رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ‏ ‏قَالَ : ‏قَالَ النَّبِيُّ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏‏:( مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ فَقَدْ رَآنِي فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَتَخَيَّلُ بِي ) .
و من أهل العلم من حمَل هذا الحديث على ظاهره، فقال: إن كلّ من رأى النبيَّ ـ صلى الله عليه و سلّم ـ في المنام، و على أيّة صورة كانت الرؤيا فقد رآه حقيقةً .

قال الحافظ ابن حجر في ( فتح الباري ) في شرح هذا الحديث: ( أي من رآني فقد رأى حقيقتي على كمالها بغير شبهة و لا ارتياب فيما رأى بل هي رؤيا كاملة … و الذي يظهر لي أن المراد من رآني في المنام على أي صفة كانت فليستبشر و يعلم أنه قد رأى الرؤيا الحق التي هي من الله لا الباطل الذي هو الحلم فإن الشيطان لا يتمثل بي) .
و ذهب آخرون إلى التفريق بحسب حال الرائي و صفة المرئي، فقالوا : إن كان الرائي يعرف صفات النبيّ ـ صلّى الله عليه و سلّم ـ الخِلْقيّة و الخُلُقيّة، و رآه في المنام على تلك الصفات فقد رآه حقّاً، و من رأه خلافاً لما هو عليه في الحقيقة فهذه رؤيا كسائر الرؤى، و تحتاج إلى تعبير و تأويل ..

و هذا الرأي أرجح من سابقه لأمور منها أنّ الرائي قد يرى النبيَّ ـ صلّى الله عليه و سلّم ـ على صفة لا تليق به، كما لو رآه حليقاً أو مدخِّناً، و حاشاه أن يكون كذلك حقيقةً، بل الواجب تأويل الرؤيا في هذه الحال بحسب حال صاحبها .

قال القاضي عياض رحمه الله ( كما رواه عنه الإمام النووي في شرح صحيح مسلم ) : يحتمل معنى قوله فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل بي : فقد رأى الحق إذا رأوه على الصفة التي كان عليها في حياته، لا على صفة مضادة لحاله، فإن رُئيَ على غير هذا كانت رؤيا تأويل لا رؤيا حقيقية فإن من الرؤيا ما يخرج على وجهه و منها ما يحتاج إلى تأويل .اهـ .