إنَّ مَن شَرِب الخمر غيرَ مستحلٍ لها مسلمٌ فاسق ( عاصٍ ) ، و من حقّ المسلم على المسلم أن يشهد جنازته و أن يُصلي عليه ، حتى و إن مات مصراً على معصيته ، لما رواه مسلم و أحمد عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : «‏ حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ »‏ .‏ قِيلَ : مَا هُنَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : «‏ إِذَا لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ وَ إِذَا دَعَاكَ فَأَجِبْهُ وَ إِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْ لَهُ وَ إِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ فَشَمِّتْهُ وَ إِذَا مَرِضَ فَعُدْهُ وَ إِذَا مَاتَ فَاتَّبِعْهُ »‏ .‏

و لكن لا يُصلي عليه أهل العلم و الفضل المعروفون ، حتى لا يقع في نفس العامّة أنّهم يُقرّونه على معصيته التي مات عليها ، فقد روى الشيخان و أصحاب السنن عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ -‏ رضى الله عنه -‏ قَالَ كُنَّا جُلُوساً عِنْدَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم إِذْ أُتِىَ بِجَنَازَةٍ ،‏ فَقَالُوا : صَلِّ عَلَيْهَا .‏ فَقَالَ : «‏ هَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ ؟ » .‏ قَالُوا لاَ .‏ قَالَ : « فَهَلْ تَرَكَ شَيْئاً ؟ »‏ .‏ قَالُوا : لاَ .‏ فَصَلَّى عَلَيْهِ .

ثُمَّ أُتِىَ بِجَنَازَةٍ أُخْرَى ،‏ فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلِّ عَلَيْهَا .‏ قَالَ : «‏ هَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ ؟ »‏ قِيلَ : نَعَمْ .‏ قَالَ : «‏ فَهَلْ تَرَكَ شَيْئاً ؟ »‏ .‏ قَالُوا : ثَلاَثَةَ دَنَانِيرَ ، فَصَلَّى عَلَيْهَا .

ثُمَّ أُتِىَ بِالثَّالِثَةِ ،‏ فَقَالُوا : صَلِّ عَلَيْهَا .‏ قَالَ : «‏ هَلْ تَرَك شَيْئاً ؟ »‏ .‏ قَالُوا : لاَ ، قَالَ : «‏ فَهَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ ؟ »‏ , قَالُوا : ثَلاَثَةُ دَنَانِيرَ ، قَالَ : «‏ صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ »‏ .‏ قَالَ أَبُو قَتَادَةَ : صَلِّ عَلَيْهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ ،‏ وَعَلَىَّ دَيْنُهُ ، فَصَلَّى عَلَيْهِ .

فالنبيّ صلى الله عليه و سلّم لم يُصَلّ على من مات و عليه دَيْنٌ ، حتى تكفّل أحد الصحابةِ بسداده عنه ، و مع ذلك فقد رخّص عليه الصلاة و السلام للصحابة الكرام بالصلاة عليه فقال : ( صلّوا على صاحبكم ) رغم أنّه مات متلبّساً بذنبٍ .

نسأل الله لنا و للجميع حسن الختام ، و الحمدُ لله ربّ العالمين .