ذهب جمهور الفقهاء الحنفية والمالكية والحنابلة إلى أنه يجب الاستماع والإنصات لخطبة الجمعة بل ذهب الحنفية إلى أن كل ما حرم في الصلاة حرم في الخطبة، ومن ثم فلا يجوز تشميت عاطس أو رد سلام أو ذكر ونحوه وا ستثنى المالكية الذكر الخفيف كالتسبيح والتهليل إن كان له سبب، وعند جمهور الفقهاء يستثنى من تحريم الكلام تحذير من خيف عليه الهلاك، وعند الشافعية ورواية عند الحنابلة الإنصات أثناء الجمعة سنة وعليه فالكلام أثناء الخطبة لغير ضرورة مكروه، ومن ثم فيجب رد السلام، ويستحب تشميت العاطس إذا حمد الله دون كراهة لأن الكلام المكروه هو الكلام الذي ليس له سبب، ويجوز عندهما قراءة القرآن والذكر بصوت منخفض بالنسبة للبعيد الذي لا يسمع صوت الخطيب.

جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية ما يلي:
اختلف الفقهاء في حكم الاستماع والإنصات للخطبة، فذهب الحنفية، والمالكية، والحنابلة، والأوزاعي إلى وجوب الاستماع والإنصات، وهو ما ذهب إليه عثمان بن عفان، وعبد الله بن عمر، وابن مسعود، حتى قال الحنفية: كل ما حرم في الصلاة حرم في الخطبة، فيحرم أكل , وشرب، وكلام، ولو تسبيحا، أو رد سلام، أو أمرا بمعروف، أو نهيا عن منكر، واستدلوا على ذلك:- بقوله تعالى: (وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا)، وبأن الخطبة كالصلاة، فهي قائمة مقام ركعتين من الفريضة، ولم يستثن الحنفية والحنابلة من ذلك إلا تحذير من خيف هلاكه، لأنه يجب لحق آدمي، وهو محتاج إليه، أما الإنصات فهو لحق الله تعالى، وحقوق الله تعالى مبنية على المسامحة.

واستثنى المالكية أيضا: الذكر الخفيف إن كان له سبب، كالتهليل، والتحميد، والاستغفار , والتعوذ، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لكنهم اختلفوا في وجوب الإسرار بهذه الأذكار الخفيفة.

واستدل من قال بوجوب الاستماع للخطبة بما رواه أبو هريرة عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة: أنصت – والإمام يخطب – فقد لغوت).

وذهب الشافعية إلى أن الاستماع والإنصات أثناء الخطبة سنة، ولا يحرم الكلام، بل يكره، وحكى ذلك النووي عن عروة بن الزبير، وسعيد بن جبير، والشعبي، والنخعي، والثوري، وهو رواية عن الإمام أحمد.

واستدلوا على الكراهة بالجمع بين حديث: (إذا قلت لصاحبك : أنصت , فقد لغوت) وخبر الصحيحين عن أنس: (فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب على المنبر يوم الجمعة قام أعرابي فقال : يا رسول الله , هلك المال وجاع العيال فادع لنا أن يسقينا، قال : فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه وما في السماء قزعة –أي السحابة الخفيفة- )، وإن عرض له ناجز كتعليم خير، ونهي عن منكر، وإنذار إنسان عقربا، أو أعمى بئرا لم يمنع من الكلام، لكن يستحب أن يقتصر على الإشارة إن أغنت، ويباح له – أي الكلام – بلا كراهة.

ويباح الكلام عند الشافعية للداخل في أثناء الخطبة ما لم يجلس، كما صرحوا بأنه لو سلم داخل على مستمع الخطبة وهو يخطب، وجب الرد عليه بناء على أن الإنصات سنة، ويستحب تشميت العاطس إذا حمد الله، لعموم الأدلة، وإنما لم يكره كسائر الكلام لأن سببه قهري.

وذهب الحنابلة والشافعية إلى أن للبعيد الذي لا يسمع صوت الخطيب أن يقرأ القرآن، ويذكر الله تعالى، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم من غير أن يرفع صوته، لأنه إن رفع صوته منع من هو أقرب منه من الاستماع، وهذا مروي عن عطاء بن أبي رباح، وسعيد بن جبير، وعلقمة بن قيس، وإبراهيم النخعي، حتى قال النخعي: إني لأقرأ جزئي إذا لم أسمع الخطبة يوم الجمعة، وسأل إبراهيم النخعي علقمة: أقرأ في نفسي أثناء الخطبة ؟ فقال علقمة : لعل ذلك ألا يكون به بأس.