إذا أفطر الصائم في نهار رمضان عمدًا بغير الجماع، من غير عذر، فقد ارتكب إثمًا عظيمًا، وعلى ولي الأمر، إذا بلغه ذلك، أن يُعزِّرَه ويُؤدِّبَه، لأنه اقترف معصية ليس فيها حد ولا كفارة، فثبت فيها التعزير، وعلى كل مسلم عرف ذلك أن ينهاه عن هذا المنكر ويعظمه بما يردعه عن مثله.
والإفطار بغير الجماع: أن يأكل أو يشرب، أو يدخن، أو يباشر فيما دون الفرج، فينزل، أو يستمني فينزل، ونحو ذلك، على أن يفعله عامدًا مختارًا عالمًا بالتحريم.
وعليه القضاء، لأن الله تعالى أوجب القضاء على المريض والمسافر مع وجود العذر، فلأن يجب مع عدم العذر أولى.
ويجب إمساك بقية اليوم، لأنه أفطر بغير عذر، فلزمه إمساك بقية النهار.
ولا تجب عليه الكفارة، لأن الأصل عدم الكفارة، إلا فيما ورد به الشرع، وقد ورد بإيجاب الكفارة في الجماع، وما سواه ليس بمعناه، لأن الجماع أغلظ فبقي على الأصل.
وبعض السلف غلظ عليه، ولم يكتف بقضاء يوم عليه، وأوجب عليه كفارة مثل كفارة الجماع، قياسًا لشهوة البطن على شهوة الفرج، وهو مذهب أبي حنيفة والزهري والأوزاعي والثوري وإسحاق، والمشهور من مذهب مالك (انظر: المجموع -329/6،330).
والثاني من المفطرات: ما يوجب القضاء والكفارة على الصائم: وهو الجماع لا غير عند الجمهور.
وقد روى الشيخان عن أبي هريرة: أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: هلكت يا رسول الله، قال “وما أهلكك؟” قال: وقعت على امرأتي في رمضان، فقال: “هل تجد ما تعتق رقبة؟” قال: لا، قال: “فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟” قال: لا، قال: “فهل تجد ما تطعم ستين مسكينًا؟”، قال: لا، ثم جلس، فأتى النبيُّ صلى الله عليه وسلم بعرق فيه تمر، فقال: “تصدق بهذا”، فقال: أفقر منا؟ فما بين لابتيها أهل بيت أحوج إليه منا! فضحك النبي صلى الله عليه وسلم، حتى بدت أنيابه، ثم قال: “اذهب فأطعمه أهلك”.
وفي رواية البخاري: أعلى أفقر مني يا رسول الله؟.
وفي رواية أبي داود قال: فأتى بعرق فيه تمر قدر خمسة عشر صاعًا، وفيها قال: “كله أنت وأهل بيتك، وصم يومًا، واستغفر الله” (قال النووي: وإسناد رواية أبي داود هذه جيد، إلا أن فيه رجلاً ضعفه وقد روي له مسلم في صحيحه ولم يضعف أبو داود هذه الرواية.

فإذا أفطرت المرأة عمدا فى نهار رمضان وجب عليها قضاء اليوم أو الأيام التى تعمدت الإفطار فيها دون عذر شرعى، ووجبت عليها الكفارة، فإذا بدأت صوم الكفارة شهرين متتابعين، وحاضت فى خلالهما كان عليها أن تفطر مدة نزول الحيض، وتتابع الصوم بعد ارتفاعه حتى تتم الشهرين عددا، ولا يعتبر إفطارها فى خلال صوم مدة الكفارة قطعا لها، لأن الحيض عذر شرعى فلا يفسد به تتابع الصوم فى الكفارة .‏