حكم سجدة التلاوة وعددها :

سجدة التلاوة سنة عند جمهور الفقهاء ،واجبة عند الأحناف،واختلف في عددها ،ما بين خمس عشرة سجدة ،وهو ما عليه الجمهور،وقيل :أربع عشرة سجدة ،وهو رأي الأحناف والشافعي في الجديد،وإحدى عشرة سجدة عند الشافعي في القديم.

قال الإمام الشوكاني في كتابه نيل الأوطار في شرح هذا الحديث:

عن عمرو بن العاص { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرأه خمس عشرة سجدة في القرآن , منها ثلاث في المفصل وفي الحج سجدتان } . رواه أبو داود وابن ماجه ) .

الحديث أخرجه أيضا الدارقطني والحاكم وحسنه المنذري والنووي , وضعفه عبد الحق وابن القطان , وفي إسناده عبد الله بن منين الكلابي وهو مجهول , والراوي عنه الحارث بن سعيد العتقي المصري وهو لا يعرف أيضا كذا قال الحافظ . وقال ابن ماكولا : ليس له غير هذا الحديث .

قوله : ( خمس عشرة سجدة ) فيه دليل على أن مواضع السجود خمسة عشر موضعا وإلى ذلك ذهب أحمد والليث وإسحاق وابن وهب وابن حبيب من المالكية وابن المنذر سريج من الشافعية وطائفة من أهل العلم , فأثبتوا في الحج سجدتين وفي ص .

وذهب أبو حنيفة وداود والهادوية إلى أنها أربع عشرة سجدة , إلا أن أبا حنيفة لم يعد في سورة الحج إلا سجدة وعد سجدة ص , والهادوية عدوا في الحج سجدتين ولم يعدوا سجدة ص وذهب الشافعي في القديم إلى أنها إحدى عشرة , وأخرج سجدات المفصل وهي ثلاث, وذهب في قوله الجديد أنها أربع عشرة سجدة , وعد من سجدات المفصل ولم يعد سجدة ص.

مواضع السجود في القرآن :

واعلم أن أول مواضع السجود : خاتمة الأعراف .
وثانيها : عند قوله في الرعد : { بالغدو والآصال } .
وثالثها : عند قوله في النحل { ويفعلون ما يؤمرون } .
ورابعها : عند قوله في بني إسرائيل { ويزيدهم خشوعا } .
وخامسها : عند قوله في مريم : { خروا سجدا وبكيا } .
وسادسها : عند قوله في الحج : { إن الله يفعل ما يشاء } .
وسابعها : عند قوله في الفرقان : { وزادهم نفورا } .
وثامنها : عند قوله في النمل : { رب العرش العظيم } .
وتاسعها : عند قوله في الم تنزيل : { وهم لا يستكبرون } .
وعاشرها : عند قوله في ص : { وخر راكعا وأناب } .
والحادي عشر : عند قوله في حم السجدة : { إن كنتم إياه تعبدون } .
وقال أبو حنيفة والشافعي والجمهور عند قوله : { وهم لا يسأمون } .
والثاني عشر , والثالث عشر , والرابع عشر سجدات المفصل .
والخامس عشر السجدة الثانية في الحج .

والثلاث سجدات في المفصل هي: سجدة النجم , و { إذا السماء انشقت } , و { اقرأ باسم ربك } . وفي ذلك حجة لمن قال بإثباتها , ويدل على ذلك أيضا : حديث ابن مسعود وابن عباس وأبي هريرة وأبي رافع ، واحتج من نفى سجدات المفصل بحديث ابن عباس عند أبي داود وابن السكن في صحيحه بلفظ : { لم يسجد صلى الله عليه وسلم في شيء من المفصل منذ تحول إلى المدينة } وفي إسناده أبو قدامة الحارث بن عبيد ومطر الوراق وهما ضعيفان وإن كانا من رجال مسلم .

قال النووي : حديث ابن عباس ضعيف الإسناد لا يصح الاحتجاج به انتهى .

وعلى فرض صلاحيته للاحتجاج فالأحاديث المتقدمة مثبتة وهي مقدمة على النفي ولا سيما مع إجماع العلماء , على أن إسلام أبي هريرة كان سنة سبع من الهجرة وهو يقول في حديثه الآتي : { سجدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في { إذا السماء انشقت } , و { اقرأ باسم ربك }.
و قوله : ( وفي الحج سجدتان ) فيه حجة لمن أثبت في سورة الحج سجدتين , ويؤيد ذلك حديث عقبة بن عامر عند أحمد وأبي داود والترمذي وقال : إسناده ليس بالقوي , والدارقطني والبيهقي والحاكم بلفظ : { قلت : يا رسول الله فضلت سورة الحج بأن فيها سجدتين قال : نعم , ومن لم يسجدهما فلا يقرأهما } .

وفي إسناده ابن لهيعة ومشرح بن هاعان ضعيفان . وقد ذكر الحاكم أنه تفرد به , وأكده بأن الرواية صحت فيه من قول عمر وابنه وابن مسعود وابن عباس وأبي الدرداء وأبي موسى وعمار ثم ساقها موقوفة عنهم , وأكده البيهقي بما رواه في المعرفة من طريق خالد بن معدان مرسلا وحديث الباب يدل على مشروعية سجود التلاوة . قال النووي في شرح مسلم : قد أجمع العلماء على إثبات سجود التلاوة وهو عند الجمهور سنة وعند أبي حنيفة واجب ليس بفرض .