قال الإمام أبو بكر العربي من فقهاء المالكية في تفسير قوله تعالى : ( وَلاَ تَتَّخِذُوَاْ آيَاتِ اللّهِ هُزُوًا ) البقرة : 231 روي عن عمرو عن الحسن عن أبي الدرداء قال: { كان الرجل يطلق امرأته ثم يرجع فيقول كنت لاعبا ، فأنزل الله تعالى : { وَلاَ تَتَّخِذُوَاْ آيَاتِ اللّهِ هُزُوًا } فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من طلق أو حرر أو نكح فقال كنت لاعبا فهو جاد } فأخبر أبو الدرداء أن ذلك تأويل الآية ، وأنها نزلت فيه ، فدل ذلك على أن لعب الطلاق وجده سواء . وكذلك الرجعة ; لأنه ذكر عقيب الإمساك أو التسريح ، فهو عائد عليهما ; وقد أكده رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بينه .
وروى عبد الرحمن بن حبيب ، عن عطاء ، عن ابن ماهك ، عن أبي هريرة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { ثلاث جدهن جد وهزلهن جد : الطلاق والنكاح والرجعة } . وروى سعيد بن المسيب عن عمر قال  ( أربع واجبات على كل من تكلم بهن : العتاق والطلاق والنكاح والنذر ) . وروى جابر عن عبد الله بن لحي عن علي أنه قال : ( ثلاث لا يلعب بهن : الطلاق والنكاح والصدقة ) .

وروى القاسم بن عبد الرحمن عن عبد الله قال : ( إذا تكلمت بالنكاح فإن النكاح جده ولعبه سواء ، كما أن جد الطلاق ولعبه سواء ) .
وروي ذلك عن جماعة من التابعين ; ولا نعلم فيه خلافا بين فقهاء الأمصار .

وقال الإمام الشوكاني في شرح حديث أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: { ثلاث جدهن جد ، وهزلهن جد : النكاح ، والطلاق ، والرجعة } رواه الخمسة إلا النسائي ، وقال الترمذي : حديث حسن غريب .

والحديث يدل على أن من تلفظ هازلا بلفظ نكاح أو طلاق أو رجعة أو عتاق وقع منه ذلك . أما في الطلاق فقد قال بذلك الشافعية والحنفية وغيرهم ، وخالف في ذلك أحمد ومالك فقالا : إنه يفتقر اللفظ الصريح إلى النية ، وبه قال جماعة من الأئمة منهم الصادق والباقر والناصر . واستدلوا بقوله تعالى: (وَإِنْ عَزَمُواْ الطَّلاَقَ فَإِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) البقرة : 227 فدلت على اعتبار العزم والهازل لا عزم منه . انتهى

والخلاصة: أنه إن عرف عن الإنسان الهزل في الطلاق، وأنه يعرف قيمة ما يقول، ولكنه لم يبال بما يقول، فرأي الجمهور في حقه أولى فيقع طلاقه،أما من هزل غير مدرك للطلاق ، فرأي الإمام أحمد ومالك وغيرهما من الفقهاء أولى في حقه ، وهو أنه لا يقع ، وإن كان بعض الفقهاء يجعل إيقاع الطلاق من الهازل تعزيرًا ، فللحاكم المسلم أو من ينوب عنه أن يعزر هذا الهازل بأي شيء بعيد عن الطلاق، حفاظًا على البيوت والأسر من الانهدام والانهيار.