صلاة الجنازة على الغائب جائزة عند جمهور الفقهاء واستدلوا بصلاة النبي على النجاشي وهو في الحبشة ، ولكن مذهب الحنفية والمالكية أنها لا تجوز ، لأنهم يشترطون لها حضور الميت ، وتأولوا صلاته على النجاشي .

جاء في فتاوى المجلس الأوربي للبحوث والإفتاء :

لا خلاف بين أهل العلم أن الأصل في صلاة الجنازة أن تكون على ميت حاضر، وأن توضع بين يدي الإمام والمصلين معه، كما ثبت ذلك في السنة القولية والفعلية والتقريرية، فأما الصلاة عليه وهو غائب فقد ثبتت أحاديث صحاح مشهورة متفق عليها: أن النبي صلى على النجاشي حين مات بأرض الحبشة، فنعاه إلى المسلمين ، وقال: قد توفى اليوم رجل صالح من الحبش، فهلم فصلوا عليه” ، قال جابر بن عبد الله فصففنا، فصلى النبي عليه ونحن صفوف. وفي رواية قال: “إن أخًا لكم قد مات، فقوموا فصلوا عليه”.

والصلاة على المبيت دعاء ورحمة، ينتفع بها الغائب كما ينتفع بها الحاضر وهذا معنى صلاة النبي على النجاشي وهو غائب، وهو مذهب الشافعية والمعتمد عند الحنابلة.

ولا يقال: إن النبي صلى على النجاشي لأنه لم يصل عليه أحد، فإنه لم يأت في الأحاديث أنه لم يصل عليه أحد، بل عللت الصلاة عليه بكونه رجلا صالحًا، ولم تعلل بكونه لم يصل عليه أحد.

كذلك الصلاة على من صلي عليه مشروعة أيضاً، كما ثبت عن يزيد بن ثابت أخي زيد قال: خرجنا مع النبي فلما وردنا البقيع إذا هو بقبر جديد، فسأل عنه، فقيل: فلانة فعرفها. فقال: “ألا آذنتموني بها ؟ قالوا: يا رسول الله كنت قائلاً صائمًا، فكرهنا أن نؤذيك فقال: لا تفعلوا ، لا يموتن فيكم ميت ما كنت بين أظهركم إلا آذنتموني به، فإن صلاتي عليه رحمة ” ثم أتى القبر فصففنا خلفه، وكبر عليها أربعًا.

فرسول الله كرر الصلاة على ميت بعد دفنه بعد أن صلى عليه أصحابه.

فخلاصة الذي نراه جواز الصلاة على الغائب إذا لم يتخذ عادة، واتخاذه عادة غير مشروع، فإن الأمة لم تعرف الصلاة على ميت غائب، إنما كانوا يفعلون ذلك لمن كان له اعتبار خاص عند المسلمين، كالنجاشي لما له من نصرة المسلمين الذي هاجروا إليه للحبشة، وكالمرأة السوداء التي كانت تنظف مسجد النبي لما لها من المعروف للمسلمين.

ونذكر إخواننا بأن هذه المسألة من مسائل الخلاف، فلا ينكر فيها على المخالف ولا يصح وصفها بالبدعة.