يقول الدكتور عبد الرازق فضل :

قوله : (وما مِن دابةٍ في الأرضِ إلا على اللهِ رزقُها ويَعلمُ مُستقرّها ومُستودَعها كلٌّ في كتابٍ مُبينٍ) (هود: 6)

معنى هذه الآية الكريمة امتداد لمعنى الآيات السابقة عليها وتفريع عليه، فالله هو القادر، والله هو العليم الخبير، ومن متعلقات قدرته وعلمه: أنه ما من شيء مما تدب فيه حياة على ظهر الأرض، أو في باطنها، أو في جوف البحر، أو على متن الهواء، إلا والله ـ عز وجل ـ يعلم أين يستقر، وأين يكمن، ومن أين يجيء، وأين يذهب، وليس هذا وحسب بل هو ـ عز وجل ـ متكفل برزقها ضامن تهيئة ما به قِوام حياتها على الصورة التي تناسب تصويرها، ولا تستعصي على قدراتها، وَعَدَ بذلك ـ عز وجل ـ ووعده صدق وخبره حق، فسبحان من بيده ملكوت كل شيء المحيط بكل شيء علمًا.

والمستَودَع هنا اسم مكان من الاستيداع، والمعنى والله أعلم: وما من دابة في الأرض إلا والله ـ عز وجل ـ مُتكفل برزقها، ويَعلم منتهى سيرها في الأرض، ويَعلم أين تأوي، كما يعلم سبحانه مكان موتها، وعلمه بهذا مثل علمه بمستقرها الذي كان قبل قدومها إلى الحياة، وهو صلب الرجل، ومستودعها الذي كان وهو رحم المرأة (إن اللهَ عِندَه علمُ الساعةِ ويُنَزِّلُ الغيثَ ويَعلمُ ما في الأرحامِ وما تدري نفسٌ ماذا تَكسبُ غدًا وما تدري نفسٌ بأي أرضٍ تَموتُ إنَّ اللهَ عليمٌ خبيرٌ) (لقمان: 34).

وقد وردت هذه الكلمة في القرآن مرتين: مرة في هذه السورة سورة هود، والمرة الأخرى في سورة الأنعام في قوله تعالى: (وهو الذي أَنشأَكم مِن نَفْسٍ واحدةٍ فمُستقرٌّ ومُستودَعٌ قد فَصَّلنَا الآياتِ لقومٍ يَفْقهونَ).