الأصل أن الآدمي يجب احترامه حيا وميتا ، فلا يجوز تشريح جثته، ولا الاعتداء عليه بأي نوع من أنواع الاعتداء ، ولكن إذا دعت الضرورة إلى التشريح ؛ كالتعرف على المرض المتسبب في موته بهدف علاجه، والوقاية منه ؛ فلا مانع حينئذ من التشريح .

يقول الأستاذ الدكتور نصر فريد واصل، مفتي مصر سابقا :

أما عن تشريح جثة الطفل الذي نزل ميتًا، فإن الإسلام كَرِه التعديَ على الإنسان حيًّا وميتًا، وأمر بالمحافظة عليه وعدم امتهانه كما في قوله تعالى: (ولقد كَرَّمْنا بني آدمَ وحَمَلْناهُمْ في البَرِّ والبحرِ ورَزَقْناهم مِن الطيباتِ وفَضَّلْناهم على كثيرٍ ممن خَلَقْنا تَفْضيلًا) (الإسراء: 70) وهذه الآية تُفيد أن الله تعالى كَرَّم بني آدم وفَضَّلَهم على كثير من المخلوقات، ومن تكريم الإنسان عدمُ الاعتداء عليه حيًّا أو ميتًا، لقوله صلى الله عليه وسلم: “كَسْرُ عِظامِ الميتِ ككسره حيًّا” (رواه البيهقيّ وابن ماجه).

والذي يَقتضيه النظر الدقيق في قواعد الشريعة الإسلامية وروحها: أنه إذا كانت هناك مصلحة راجحة في تشريح الميت أو نقل عظامه فإنه يجوز، ولا ينافي هذا ما جاء في الحديث الشريف، فإن الظاهر أن معنى الحديث أن للميت حُرْمةً كحرمة الحيّ فلا يُتعدى عليها بكسر عظم أو شق بطن أو غير ذلك لغير مصلحة راجحة أو حاجة ماسة، وبهذا يتفق مع معنى الحديث وقواعد الدين الحنيف ، فإنها مبنية على رعاية المصالح الراجحة، وتَحَمُّل الضرر الأخف لجَلْب مصلحةٍ يكون تفويتُها أشدُّ من هذا الضرر.

وعلى ذلك : إذا كان تشريح جثة الطفل الذي نزل ميتًا لمصلحة راجحة، أو حاجة ماسة، كتعليم وتَعَلُّم، أو لمعرفة سبب المرض الذي أدى إلى الوفاة، فيُحترز منه، ويُوصف له العلاج، فيكون هذا من باب الضرورات التي تُبيح المحظورات، وإذا لم يكن فيه مصلحة أو ضرورة فإن صَوْنَ جسم الإنسان عن العبث يكون من باب التكريم الذي أَمَرَتْنا به الآية القرآنية السابق الإشارة إليها.