يجوز بيع الحيوان والدجاج حيا بالوزن على الرأي الراجح لدى الفقهاء>

ويفصل الأستاذ الدكتور الصادق الغرباني من علماء ليبيا في هذه المسألة فيقول :

إذا لم يحدِّد الشرع للسلعة معيارًا تُباع به، من وزنٍ أو كيلٍ أو غيره، فمعيارها في البيع والمعاوضات يكون بالعادة التي اعتادها النَّاس لتلك السلعة، فإذا اعتادوا وزنها تُباع وزنًا، وإذا اعتادوا كيلها تباع كيلًا، وإذا اختلفت العادة فيها من بلد إلى آخر فإنه يعمل في كل بلد بالعادة التي اعتادوها، وذلك كما في العَسَلِ والسَّمْنِ فإنه يُباع كيلًا في بعض البلاد، ويباع وزنًا في بعضها الآخر. (انظر المواق 4/360، والمجموع 10/224) .

ولم يرد عن الشَّرع تحديدٌ في المعيار الذي يباع عليه الحيوان، وكانت العادة في بيع الحيوان أن يُبَاع بالعدِّ بعد أن يُحْزَر ويُقَدَّر، ولم يتعرض الفقهاء لبيعه بالوزنِ .

وهناك من الفقهاء مَنْ ذَكَر أن كل ما لم يرد فيه معيار محدَّد عن الشرع، كالحيوان والمعدودات فإن معيار التماثل فيه يكون بالوزن لا بغيره.

قال ابن قدامة في المغني: وأمَّا غير المكيل والموزون، فما لم يكن له أصل بالحجاز في كيل أو وزن، ولا يشبه ما جرى فيه العُرْفُ بذلك، كالثياب والحيوان والمعدودات من الجوز والبيض… فهذه المعدودات إذا اعتبر التماثل فيها، فإنه يُعتبر في الوزن؛ لأنه أحصر..) (المغني 4/23).

وقال ابن رشدفي المقدمات 3/22: لا يجوز بيع الحيوان بالوزن ولم يَذْكر تعليلًا، ولعله مبني على العُرْفِ في بيع الحيوان في زمنه؛ لأن ما لا تحديد فيه من الشرع يجب الرجوع فيه إلى العُرْفِ ).

ثم إنه إذا جاز بيع الحيوان بالتحرِّي، فجوازه بالوزن من باب أولى؛ لأن الوزن أرفع للجهالة من التحري، قال الباجي في المنتقى: يجوز بيع اللحم بالحيوان إذا كان من غير جنسه، وتكون المماثلة بينهما بالتحري، ولم يَعُدَّه من بيع اللحم المغيَب (المنتقى 5/25، والمواق 4/364) .

ويشهد للجواز أنه يجوز بيع الشاة المذبوحة قبل السَّلخ بالوزن على أحدِ القولين المشهورين، قياسًا على الحيِّ الذي لا يُراد إلا للذبح، ثم قال: ومشى المصنف على الجواز، ونقل الزرقاني هذا القول وعزاه إلى التتائي . (انظر فتح الجليل في حلِّ ألفاظ خليل لمحمد بن إبراهيم التتائي مخطوط رقم 617 بمركز جهاد الليبيين ج2 ورقة8، والزرقاني 5/25)

وعلى هذا القول بالجواز فليس هناك ما يمنع من بيع الحيوان الحي بالوزن، سواءٌ كان الحيوان متعينًا للحمِ كالمرِيض والكَسير؛ لأنه في حكم الشَّاة المذبوحة قبل السلخ، أو غير متعيِّن كالسالم الصغير، والقول المشهور الآخر هو منع بيع الحيوان المذبوح قبل السلخ بالوزن؛ لأنه متعيَّن للَّحم، أمَّا الحي فلا يتعين للحم، فلا يأخذ حكمه، إلا إذا كان مريضًا مشرفًا على الهلاك، فله حُكْمُ اللحم، وعلَّلوا منع بيع المذبوح بالوزن قبل السلخ، بأنه من باب بيع اللحم المغيب، فالمنع للجهالة بالحال التي يكون عليها اللحم بعد السَّلخ، أو أنه من باب بيع اللحم والعرض وزنًا، وكلا التعليلينِ غير موجود في بيع الحي وزنًا، فإن بيع الحيوان الحيِّ الذي من شأنه أنْ يُقْتَنَى، ليس من بيع اللحم، بدليل أنه ليس ربويًّا، فيجوز بيعه بحيوان من جنسه أو من غير جنسه، الواحد منه باثنين، أو بأكثر حالًا، أو إلى أجَلٍ، ولو كان حكمه حكم اللحم، لما جاز التفاضل فيه في الجنس الواحد، ولا الأجل، فقد صحَّ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الحيوان بيع واحدٍ باثنين من صنفه متفاضلًا (مسلم 3/1225)، وفي الموطَّأ أن ابن عمر اشترى راحلة بأربعةِ أبعرة، يوفيها صاحبها بالربدة (الموطأ ص: 652).