الأقوال في تعيين هذه الليلة بليلة خاصة وفي شهر مخصوص مختلفة. فقد قيل: إنها في ليالي السنة كلها، وهي مبهمة غير معينة.

لكن الذي عليه معظم العلماء أنها في شهر رمضان ؛ ليتفق ذلك مع قوله ـ تعالى: ( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ القُرآنَ ) البقرة : 185. و قوله:( إِنَا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ )  الدخان :2.

أما تعيين ليلة من هذا الشهر، ففيه خلاف.

وقد صح في ذلك حديث البخاري ومسلم: “التمسوها في العشر الأواخر من رمضان”.

والنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان حريصاً على قيام هذه الليالي الأخيرة، كما يدل عليه الحديث المتفق عليه: ” كان إذا دخل العشر الأواخر من رمضان ؛ جد واجتهد وشد المئزر، وأيقظ أهله ، وأحيا الليل كله . وأرجى ما تكون في الليالي العشر، وفى الوتر، كما في حديث البخاري: ” التمسوها في الوتر من العشر الأواخر من رمضان “. وأشد هذا الوتر رجاءً هو ليلة السابع والعشرين. لحديث رواه مسلم. وقيل: إنها تنتقل من عام لآخر بين هذه الليالي الأخيرة.

وأما فضل ليلة القدر فيكفي في بيانه وبيان ثواب من قامها قوله ـ تعالى: { لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ َأْلِف شَهْرٍ } القدر : 3 ، أي: العبادة فيها خير من العبادة في ألف شهر، ليس فيها ليلة قدر، وقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ” من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه “، وقوله عن هذه الليلة: “من حُرمها فقد حُرِمَ الخير الكثير.

وألف شهر لا يراد به التحديد ، بل المراد به جميع الدهر، فالتعبير عربي يراد به الكثرة ، كما قال تعالى : { يَوَدُ أَحَدُهُمْ لَو يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ } البقرة :96.

والثواب المضاعف في هذه الليلة كما يقول كثير من العلماء، ورواه مالك في الموطأ هو: تعويض للأمة الإسلامية بهذا الثواب عن أعمارها القصيرة لتساوي أعمار السابقين الذين كانوا يعيشون أعمارا طويلة، وفضل الله واسع، وأمة محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ هي خير أمة أخرجت للناس، وفضل الله عليها وعلى نبيها عظيم كما هو معروف.

أما إحياؤها فيكون بالصلاة، والقرآن، والذكر، والاستغفار، والدعاء من غروب الشمس إلى طلوع الفجر، وصلاة التراويح في رمضان إحياء لها .

وجاء في بعض المرويات: ” من صلى المغرب والعشاء الآخرة من ليلة القدر في جماعة، فقد أخذ بحظه من ليلة القدر”.

وقالت عائشة ـ رضي الله عنها ـ : يا رسول الله إن وافقت ليلة القدر، فما أقول ؟ قال: قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني.

وفى حديث ابن عباس عن نزول الملائكة فيها أنهم يمرون على كل قائم وقاعد ومصلى وذاكر يسلمون عليهم ويأمنون على دعائهم فيغفر الله لهم، إلا أربعة: هم مدمن الخمر، وعاق الوالدين، وقاطع الرحم، والمشاحن أي: المخاصم.