يقول الدكتور محمد بكر إسماعيل :

يقول الله عز وجل: (يا أيها الذينَ آمنوا لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشيطانِ ومَن يَتَّبِعْ خُطُواتِ الشيطانِ فإنه يأمرُ بالفحشاءِ والمُنْكر.. ) (النور: 21).
أي ومَن يتبع خطوات الشيطان فإنه يصير شيطانًا مثله يأمر بالفحشاء والمنكر، وينطبق عليه قول من قال: تأبلستُ حتى صار إبليسُ من جندي

الفرقُ بين الرِّشْوة والهدية:

الرِّشْوة أربعة أنواع:
النوع الأول: أن يدفع ظالم لظالم شيئًا من المال، أو يقوم له بخدمة من الخدمات من أجل أن يعطيَه شيئًا ليس من حقه أن يأخذه.
الثاني: أن يقصد الظالم من الظالم تفويت حق لإنسان حقدًا وحسدًا ومَكيدة له ونِكاية فيه.

الثالث: أن يقصد الظالم من الظالم أن يوليَه عملاً ليس كفئًا له.
وهذه الأنواع الثلاثة من أشد الجرائم التي تَوَعَّد الله مرتكبيها أشدَّ العذاب.
أما النوع الرابع فهو: أن يعطيَ الرجل المرتشي شيئًا لتخليص حقه إذا لم يجد سبيلاً لتخليصه إلا بالرِّشْوة أو أراد أن يتقيَ ضررًا يلحق به أو بأولاده،وهذا فيه تفصيل.

وأما الهدية فهي ما يقدمه إنسان إلى إنسان حبًّا له وتَقَرُّبًا إليه لا لأخذ حق ليس له، ولا لضياع حق غيره، ولا ليتولى عملاً ليس كفئًا له، وهي من الأمور المُسْتَحَبَّة.

وقد وردت أحاديث كثيرة تدل على استحباب التهادي منها ما رواه مالك في الموطأ مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم: “تصافحوا يَذْهَبْ الغِلُّ وتهادوا تَحابُّوا وتذهبْ الشحناء.
ويُستحَب لمن أُهْدِيَ إليه شيء أن يقبلَه تطييبًا لنفس مُهديه إذا علم أو غلب على ظنه خلوها من شائبة الرِّشْوة والأغراض الدنيئة، فقد قبل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ الهدية، وكافأ عليها، وأمر بقبولها، ونهى عن ردها لِما فيه من التنفير والإيحاش.
روى أحمد في مسنده عن خالد بن عدي أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: “مَن جاءه من أخيه معروفٌ مِن غير إسراف (أي تَطَلُّع وانتظار يُقال: أشرفت نفسُه على كذا أي تَطَلَّعت وانتظرت) ولا مسألة، فليقبله ولا يرده فإنما هو رزق ساقه الله إليه”.

فمن كان في موقع وظيفي حساس وموقف حرج، فالأمر يتطلب منه أخذ الحيطة والحذر نظرًا لالتباس الهدية بالرِّشْوة، فسَدُّ هذا الباب أولى وأفضل لِما ذكرناه؛ ولأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد عاب على رجل قد استعمله فجاء بمال كثير، فقال: هذا لكم وهذا أهدي إليّ، فقال عليه الصلاة والسلام: “ما بالُ العامل نبعثه فيأتي يقول: هذا لك وهذا لي؟ فهَلَّا جلس في بيت أبيه وأمه فينظرَ أيُهْدى له أم لا؟ والذي نفسي بيده لا يأتي بشيء إلا جاء به يوم القيامة يحمله على رقبته، ثم قال: ألا هل بلغتُ ثلاثًا” والحديث بتمامه في البخاري.