الرسول صلى الله عليه وسلم لم يصل التراويح عشرين ركعة ، بل ثبت أنه كان لا يزيد على ثمان غير الشفع والوتر ، أي إحدى عشرة ركعة ، في رمضان وفي غير رمضان ، ولكن لما ضعفت الهمم وثقلت الصلاة على بعض الناس في عصر الخلفاء ، بسبب طول القراءة ، فرأى الخلفاء ـ مثل سيدنا عمر وعثمان ـ أن يقسموا القراءة على عدد أكبر من الركعات لتكون أقصر وأخف على المصلين ، فجعلوها عشرين ركعة ، ثم جعلها المسلمون من بعد ستا وثلاثين ، من أجل التخفيف أيضا ، ولكن كان هذا مع قراءة ما لا يقل عن الجزء ، فلم يكن التخفيف على حساب القراءة.

يقول الشيخ عطية صقر – رحمه الله تعالى-:

روى البخاري وغيره عن السيدة عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ما كان يزيد في رمضان، ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعا، فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعا، فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثة”.
وقولها: يصلي أربعا لا ينافي أنه كان يسلم بعد ركعتين، وذلك لقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: “صلاة الليل مثنى مثنى.
وقولها: يصلي ثلاثا، معناه: أنه كان يوتر بواحدة، والركعتان شفع. كما روى مسلم عن عروة أن السيدة عائشة قالت: “كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يصلي من الليل إحدى عشرة ركعة، يوتر منها بواحدة”.
وجاء في بعض الطرق لهذا الحديث: “يسلم من كل ركعتين”.
وروى ابن حبان وابن خزيمة في صحيحيهما عن جابر ـ رضي الله عنه ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ صلى بهم ثماني ركعات والوتر، ثم انتظروه في القابلة ـ أي الليلة التي بعدها ـ فلم يخرج إليهم”.
هذا هو ما صح من فعل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فلم يصح عنه شيء غير ذلك.
لكن صح أن الناس كانوا يصلون على عهد عمر، وعثمان وعلي ـ رضي الله عنهم ـ عشرين ركعة. وهو رأي جمهور الفقهاء من الحنفية، والحنابلة، وداود.

قال الترمذي: وأكثر أهل العلم على ما روي عن عمر وعلي، وغيرهما من أصحاب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ صلاة عشرين ركعة، وهو قول الثوري وابن المبارك والشافعي، وقال: هكذا أدركت الناس بمكة يصلون عشرين.
وذهب مالك إلى أنها ستٌّ وثلاثون ركعة من غير الوتر.

قال الزرقاني في ( شرح المواهب اللدنية ) وذكر ابن حبان أن التراويح أولا: كانت إحدى عشرة ركعة، وكانوا يطيلون القراءة ؛ فثقل عليهم ؛ فخففوا القراءة وزادوا في عدد الركعات، فكانوا يصلون عشرين ركعة، من غير الشفع والوتر بقراءة متوسطة، ثم خففوا القراءة، وجعلوا الركعات ستا وثلاثين، من غير الشفع والوتر، ومضى الأمر على ذلك.

هذا ، وقد قال الحافظ في الجمع بين الروايات: إن ذلك الاختلاف بحسب تطويل القراءة، وتخفيفها، فحيث تطول القراءة تقل الركعات ، وبالعكس ، وبه جزم البعض.

ثم ذكر الحافظ أن: أهل المدينة كانوا يصلونها ستا وثلاثين لمساواة أهل مكة فإنهم كان يطوفون سبعا بين كل ترويحتين ، وجعل أهل المدينة مكان كل سبع أربع ركعات. والله أعلم . (انتهى)

وعليه : فلا مانع من صلاة التراويح ثمان ركعات ، كما لا بأس بصلاتها عشرين ركعة أو ستا وثلاثين ، غير الشفع والوتر.