نهى الإسلام عن مجامعة الحائض حال فوران الدم في فرجها وأباح له أن يستمتع في ما عدا ذلك حتى ينقطع الدم فإذا انتهى الحيض ، ورأت المرأة الطهر ولكنها لم تغتسل فهل يجامعها زوجها أم لا ؟ خلاف بين الفقهاء.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية :
أما المرأة الحائض إذا انقطع دمها، فلا يطؤها زوجها حتى تغتسل إن كانت قادرة على الاغتسال، وإلا تيممت، كما هو مذهب جمهور العلماء كمالك والشافعي ، وأحمد ، وهذا معنى ما يروى عن الصحابة ، حيث روي عن بضعة عشر من الصحابة منهم الخلفاء : أنهم قالوا في المعتدة : هو أحق بها ما لم تغتسل من الحيضة الثالثة ، والقرآن يدل على ذلك قال الله تعالى : (وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ)  البقرة 222.

قال مجاهد : ( حتى يطهرن )  حتى ينقطع الدم ، فإذا تطهرن اغتسلن بالماء ، وهو كما قال مجاهد ، وإنما ذكر الله غايتين على قراءة الجمهور ، ولأن قوله : ( حتى يطهرن ) غاية التحريم الحاصل بالحيض ، وهو تحريم لا يزول بالاغتسال ولا غيره ، فهذا التحريم يزول بانقطاع الدم ، ثم يبقى الوطء بعد ذلك جائزا بشرط الاغتسال لا يبقى محرما على الإطلاق ، ولهذا قال : ( فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله).
وهذا كقوله : (فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ) البقرة 230 . فنكاح الزوج الثاني غاية التحريم الحاصل بالثلاث . فإذا نكحت زوجا غيره ، يعني ثانيا زال ذلك التحريم لكن صارت في عصمة الثاني، فحرمت لأجل حقه ، لا لأجل الطلاق الثلاث ، فإذا طلقها جاز للزوج الأول أن يتزوجها .
وقد قال بعض أهل الظاهر : المراد بقوله: ( فإذا تطهرن ) أي غسلن فروجهن ، وليس بشيء ، لأنه قد قال : ( وإن كنتم جنبا فاطهروا ) فالتطهير في كتاب الله هو الاغتسال . وأما قوله : (إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) فهذا يدخل فيه المغتسل ، والمتوضئ ، والمستنجي ، لكن التطهر المعروف بالحيض كالتطهر المعروف بالجنابة ، والمراد به الاغتسال . وأبو حنيفة رحمه الله يقول : إذا اغتسلت أو مضى عليها وقت الصلاة ، أو انقطع الدم ، وقول الجمهور هو الصواب كما تقدم أ.هـ

وخلاصة أقوال الفقهاء في هذه المسألة:

أن مذهب الجمهور على أنه لا يجوز مجامعة الحائض إلا بعد أن تغتسل غسلها من الجنابة . فقد ذهب جمهور الفقهاء ‏-‏ المالكية والشافعية والحنابلة ‏-‏ إلى أنه لا يحل وطء الحائض حتى تطهر ‏-‏ ينقطع الدم ‏-‏ وتغتسل ‏.‏ فلا يباح وطؤها قبل الغسل .
وأهل الظاهر حملوا التطهر في الآية على غسل المرأة لفرجها دون غسل الجنابة ، وما ذهبوا إليه ليس براجح ، لأن التطهير المقصود في كتاب الله هو الاغتسال المعروف من الجنابة .
‏وفرق الحنفية بين أن ينقطع الدم لأكثر مدة الحيض وبين أن ينقطع لأقله ‏، وكذا بين أن ينقطع لتمام عادتها ‏، وبين أن ينقطع قبل عادتها ‏.‏

جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية :
أن الحنفية ذهبوا إلى أنه إذا انقطع الدم على أكثر المدة في الحيض ولو حكما بأن زاد على أكثر المدة ‏، فإنه يجوز وطؤها بدون غسل ‏، لكن يستحب تأخير الوطء لما بعد الغسل ‏.‏ ‏

‏وإن انقطع دمها قبل أكثر مدة الحيض أو لتمام العادة في المعتادة بأن لم ينقص عن العادة ‏، فإنه لا يجوز وطؤها حتى تغتسل أو تتيمم ‏، أو أن تصير الصلاة دينا في ذمتها …

‏وإذا انقطع الدم قبل العادة وفوق الثلاث ‏، فإنه لا يجوز وطؤها حتى تمضي عادتها وإن اغتسلت ‏، لأن العود في العادة غالب ‏، فكان الاحتياط في الاجتناب ‏، فلو كان حيضها المعتاد لها عشرة فحاضت ثلاثة وطهرت ستة لا يحل وطؤها ما لم تمض العادة ‏.‏