رؤية سيدنا جيريل عليه السلام ممكنة وجائزة شرعًا وعقلاً، ولكن لا تعنى الرؤية أن ذلك وحي، وأمر الرؤية مرده إلى الله تعالى.

يقول فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور عبد الحليم محمود شيخ الأزهر الأسبق –رحمه الله تعالى-:

يمُكن للشخصَ العادي أن يرَى سيدنا جبريل ـ عليه السلام ـ فليست رُؤيته بمُستحلية، وليست رؤيته وعدَمها خاضعةً لرغبة شخص أو عدمها، وإنما مَرَدُّ ذلك كله إلى الله ـ عز وجل ـ وعلى النحو الذي يُريده الله ـ سبحانه وتعالى ـ حسب قدرة الرائي؛ لأن سيدنا جبريل ـ عليه السلام ـ ليس كآحاد البشر، وقد رأتْه السيدة مريم ـ عليها السلام ـ وليست بِنَبِيَّةٍ، ورآه أُناس كثيرون في حياة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وفي الصحيح عن عبد الله بن عمر ـ رضى الله عنهما ـ قال: طلَع علينا رجلٌ شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يُرَى عليه أثَر السفر ولا يَعرفه منَّا أحدٌ .. إلخ الحديث في أول صحيح مسلم، وكان هذا الذي رآه الصحابة هو جبريل.

وليس معنى أنه يُرَى أن كل مَن يراه يُوحَى إليه وحْي تشريع، لا؛ لأن وحي التشريع انتهى بوفاة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وإنما تُعبِّر الرؤيَا منامًا أو يقظةً بالمعنى الذي يَتناسب وحال الرائي مِن بِشارة أو إنذار أو تقرير أو نحو ذلك، والوحي الخاص بقوله: (وأَوْحَيْنَا إلى أمِّ موسَى أنْ أَرْضِعِيهِ) الآية.

وهو وحْي الرؤيَا المنامية، ولم يَرِد في شرح الآية نَصٌّ يكشف ماهيَّة الوحي الذي كان، ولعله وحي إلْهام. والآية مُحتملة لذلك.