المقصود ببيعتان في بيعة:

لو قام رجلٌ ببيع سلعة بالنَّقد الفوري بثَمن معيّن وببيع هذه السلعة بالأجل أو بالتقسيط بسِعر أزيد. فهل يجوز أن يتَّفق مع المشتري أنه إذا لم يدفع السعر الفوري في وقت معيّن يصير ثمن السلعة بسعر الأجل أو التقسيط الذي هو أزيدُ.

حكم من يقوم ببيعتان في بيعة:

هذه المعاملة غير جائزة شرعًا؛ لأنَّها بيعتان في بيعة وقد نهى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن بَيعتين في بَيعة.

وروى عمر بن شعيب عن أبيه، عن جَدِّه أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: “لا يَحِلُّ سَلَفٌ وبَيْعٌ” ومعناه: عقد يكون الثمن معجًّلاً أو فورِيًّا، ومؤجَّلاً في نفس الوقت؛ أي العقد محتَمِل للأمرين وهذا ما ينطبق على ماذكرناه؛ لأنَّ الصفقة تَمَّتْ على ثمن قد يكون معجَّلاً لأنَّه مِقدار معيَّن وقد يكون مؤجَّلاً فيكون أزيدَ من الثمن الأول.

صور البيعتان في بيعة:

قال الإمام الشافعي في تفسير حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه: “نَهى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن بَيعتين في بَيعة”.
له تأويلان أي صورتان: أحدهما أن يقول بعتُك هذه السلعة بألفين نسبة أي مؤجًّلاً وبألفٍ نقدًا، فأيّهما شئتَ أخذت به ويتم العقد على هذا. قال الإمام الشافعي وهذا بيع فاسد أي باطل؛ لأنّه إبهام وتعليق.
والثاني أن يقول: بعتُك منزلي على أن تبيعَني فرسَك .
وحكمة منع صورة الصفقة الأولى هو اشتمالها على غَرَر بسبب الجَهل بمقدار الثمن، فإنَّ المشتريَ لا يدري وقتَ تمام العقد هل الثمن عشرة مثلاً أو خمسة عشر، وقد يؤدِّي هذا إلى التنازع والخلاف. ومثل هذا قال الحنفية والحنابلة فقالوا بالبُطلان للإبهام والتعليق والغَرَر والجَهالة.

حالة البيع الصحيح:

ونحبُّ أن ننبِّه إلى أنَّه إذا ارتفع هذا الإبهام أو التعليق أو الجَهالة من مبتدأ العقد صح العقد، وهو ما يتعارف عليه الناس ويجيزه الفقهاء من أن يتمَّ البيع ابتداء بالنّقد أو بالتقسيط، بمعنى أن البائع يعرِض سلعته بنقد بثَمن معيّن، وبتقسيط بثمن آخر قد يكون أزيدَ والعقد يتم ابتداء على أحدِهما فقط دون تعليق أو جَهالة. ولا يكون هكذا من باب بيعتين في بيعة كالصورة الأولى التي نهى عنها رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فهي بَيعة واحدة والثمن واحد تتم به الصَّفقة لا يزيد ولا ينقص، والاتفاق تمَّ بين البائع والمشتري على أحد الأمرين دون الآخر.