الراجح أن صلاة النساء جماعة وإمامة المرأة لهن من الأمور الجائزة شرعا بل المستحبة لهن، والدليل على ذلك حديث أم ورقة الذي ذكرناه، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن لها أن تؤم أهل دارها في الصلاة وأيضا فإن النساء متساويات مع الرجال في تحصيل فضيلة الجماعة وإقامة الصلاة جماعة من قبلهن وحدهن كما يقيمها الرجال وحدهم، وهو فعل خير والله يقول: “وافعلوا الخير” وهو تعاون على البر والتقوى.

ويؤيد ذلك وقوع صلاة المرأة بالنساء من أمهات المؤمنين، فقد روى أن عائشة أم المؤمنين أمتهن في صلاة الفريضة، وعن تميمة بنت سلمة، عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، أنها أمت النساء في صلاة المغرب، فقامت وسطهن وجهرت بالقراءة، وروى أيضا أن أم سلمة أم المؤمنين رضي الله عنها، كانت تؤم النساء في رمضان وتقف معهن في الصف، وعن ابن عمر أنه كان يأمر جارية له أن تؤم النساء في رمضان.

إذا أمت المرأة امرأة، قامت المرأة المأمومة عن يمينها كالرجل المأموم مع الرجل الإمام.

وإذا أمت المرأة جمعا من النساء، وقفت المرأة وسط صف بين النساء، وبهذا جاءت الرواية عن عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما، وعن ابن عباس قال: تؤم المرأة النساء، وتقوم وسطهن، وبهذا قال الفقهاء ولا خلاف فيه، كما قال ابن قدامة، ولأن المرأة يستحب لها التستر، وكونها وسط الصف أستر لها، لأنها تستتر بمن جانبها، فإن صلت بين أيديهن احتمل أن يصح كما قال ابن قدامة، لأنه موقف في الجملة، ولهذا كان موقفا للرجل، واحتمل ألا يصح.

أما الأذان والإقامة للنساء ففيها التفصيل التالي:

لا يجب على النساء أذان ولا إقامة ، ولكن هل يستحب لهن الأذان والإقامة؟
قال الفقيه المعروف ابن حزم الظاهري رحمه الله تعالى: “إن أذن وأقمن، فحسن، لأن الأذان ذكر الله تعالى، والإقامة كذلك، فهما في وقتهما فعل حسن، ورويناه عن عطاء قال: تقيم المرأة لنفسها، وقال طاووس: كانت عائشة تؤذن وتقيم” وهذا مذهب الحنابلة، فقد جاء في المغني لابن قدامة الحنبلي في مسألة الأذان والإقامة للنساء قوله: “وهل يسن لهن ذلك؟ فقد روى عن أحمد قال: “إن فعلن فلا بأس وإن لم يفعلن فجائز” وهذا أحد الأقوال في مذهب الشافعية، وهو مذهب الجعفرية.

وعند المالكية: إذا صلت المرأة وحدها فأقامت لنفسها فحسن، وقالوا في الفرق بين الأذان والإقامة، حيث لم يطلب الأذان من المرأة لأنه شرع للإعلام بدخول الوقت، والحضور للصلاة، والإقامة شرعت لإعلام النفس بالتأهب للصلاة، فلذلك اختص الأذان بالرجل وشرعت الإقامة للرجال والنساء، وهذا هو القول المشهور في المذهب فعندهم يستحب لهن الإقامة دون الأذان لأن في الأذان رفع الصوت، وفي الإقامة لا ترفع صوتها.

وعند الحنفية: إذا صلت النساء بجماعة صلين بغير أذان ولا إقامة، محتجين بحديث رووه عن رائطة، قالت: كنا جماعة من النساء، أمتنا عائشة رضي الله عنها بلا أذان ولا إقامة، وقال ابن عابدين، من فقهاء الحنفية المتأخرين قال في حاشيته على الدر المختار ولا يسن ذلك أي الأذان والإقامة للنساء إذا صلين، أداء أو قضاء ولو صلين جماعة، لأن عائشة رضي الله عنها أمتهن بغير أذان ولا إقامة، حين كانت جماعتهن مشروعة، وهذه تقتضي أن المنفردة أيضا كذلك لأن تركها، أي ترك الأذان والإقامة، كان هو السنة حال شرعية الجماعة للنساء، فكان حال الانفراد أولى والراجح جواز الأذان والإقامة للنساء.