القراءات السبع هي قراءة سبعة من الأئمة اشتهرت قراءتهم ،حتى زعم كثير من العلماء أن قراءتهم هي الصحيحة التي تجوز بها الصلاة،وأن ما عداها غير صحيحة،ولا يؤخذ بها،والحق أن هناك شروطا للقراءة الصحيحة ،من موافقة الرسم العثماني ،وموافقة من وجوه اللغة العربية،وصحة إسنادها ،فهذه هي القراءة الصحيحة التي تجوز الصلاة بها،والتي يترتب عليها أخذما جاء فيها من أحكام،وليس هناك داع لحصر القراءات الصحيحة على قراءة السبعة أو العشرة،فليس للقراءة الصحيحة حد معلوم،وإنما الصحة ترجع لموافقة الشروط.

‏قال الشوكاني:
عقد ابن تيمية الجد بابا للرد على من يقول ‏:‏ لا تجزئ في الصلاة إلا قراءة السبعة القراء المشهورين ‏,‏ قالوا ‏:‏ لأن ما نقل أحاديًا ليس بقرآن ولم تتواتر إلا السبع دون غيرها ‏,‏ فلا قرآن إلا ما اشتملت عليه ‏,‏ وقد رد هذا الاشتراط إمام القراءات الجزري فقال ‏:‏ زعم بعض المتأخرين أن القرآن لا يثبت إلا بالتواتر ولا يخفى ما فيه؛ لأنا إذا اشترطنا التواتر في كل حرف من حروف الخلاف انتفى كثير من أحرف الخلاف الثابتة عن هؤلاء السبعة وغيرهم.
وقال ‏:‏ ولقد كنت أجنح إلى هذا القول ثم ظهر فساده وموافقة أئمة السلف والخلف على خلافه .
وقال ‏:‏ القراءة المنسوبة إلى كل قارئ من السبعة وغيرهم منقسمة إلى المجمع عليه والشاذ، غير أن هؤلاء السبعة لشهرتهم وكثرة الصحيح المجمع عليه في قراءتهم تركن النفس إلى ما نقل عنهم فوق مما نقل عن غيرهم ‏‏.‏ ‏

‏فانظر كيف جعل اشتراط التواتر قولا لبعض المتأخرين ‏,‏ وجعل قول أئمة السلف والخلف على خلافه ‏.‏

وقال أيضا ‏:‏ كل قراءة وافقت العربية ولو بوجه وافقت أحد المصاحف العثمانية ولو احتمالاً، وصح إسنادها فهي القراءة الصحيحة التي لا يجوز ردها ولا يحل إنكارها ،بل هي من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن، ووجب على الناس قبولها سواء كانت عن الأئمة السبعة أم عن العشرة أم عن غيرهم من الأئمة المقبولين ‏,‏ ومتى اختل ركن من هذه الأركان الثلاثة أطلق عليها ضعيفة أو شاذة أو باطلة سواء كانت عن السبعة أو عمن هو أكبر منهم ‏,‏ هذا هو الصحيح عند أئمة التحقيق من السلف والخلف ‏,‏ وهو مذهب السلف الذي لا يعرف من أحدهم خلافه. ‏

‏قال أبو شامة في المرشد الوجيز ‏:‏ لا ينبغي أن يغتر بكل قراءة تعزى إلى أحد هؤلاء السبعة ‏,‏ ويطلق عليها لفظ الصحة، وأنها أنزلت هكذا إلا إذا دخلت في هذه الضابطة، وحينئذ لا ينفرد مصنف عن غيره ولا يختص ذلك بنقلها عنهم ‏,‏ بل إن نقلت عن غيرهم من القراء فذلك لا يخرجها من الصحة ، فإن الاعتماد على استجماع تلك الأوصاف لا على من تنسب إليه إلى آخر كلام ابن الجزري الذي حكاه عنه الإمام السيوطي في كتاب الإتقان ‏.‏ وقال أبو شامة ‏:‏ شاع على ألسنة جماعة من المقرئين المتأخرين وغيرهم من المقلدين أن السبع كلها متواترة أي كل حرف مما يروى عنهم ‏,‏ قالوا ‏:‏ والقطع بأنها منزلة من عند الله واجب ونحن نقول بهذا القول ‏,‏ ولكن فيما أجمعت على نقله عنهم الطرق واتفقت عليه الفرق من غير نكير ‏,‏ فلا أقل من اشتراط ذلك إذا لم يتفق التواتر في بعضها ‏. ‏

‏إذا تقرر إجماع أئمة السلف والخلف على عدم تواتر كل حرف من حروف القراءات السبع ‏,‏ وعلى أنه لا فرق بينها وبين غيرها إذا وافق وجها عربيًا ‏,‏ وصح إسناده ووافق الرسم ولو احتمالا بما نقلناه عن أئمة القراء تبين لك صحة القراءة في الصلاة بكل قراءة متصفة بتلك الصفة سواء كانت من قراءة الصحابة أو من قراءة غيرهم.