الشريعة الإسلامية رتبت لكل من الزوجين حقوقًا على الآخر، فجعلت للزوج على الزوجة حقوقًا منها أن تقيم معه في منزل الزوجية حتى تتحقق أغراض الزواج من سكن ومودة وإنجاب للأولاد والعناية بهم وتنشئتهم تنشئة مثالية، وتوفير وسائل الراحة في البيت لينعم أفراد الأسرة جميعًا ، ومن حقه عليها ألا تخرج من منزل الزوجية إلا بإذنه، وله أن يمنعها من الخروج إلا لحاجة تقضي بها الشريعة أو العرف العف النزيه .‏
وقد دل على ذلك الكتاب فقال تعالى {‏ وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى }‏ الأحزاب ‏33 ، كما دل على ذلك ما جاء بالسنة أيضا .‏
فعن أنس -‏ جاءت النساء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلن يا رسول الله ذهب الرجال بالفضل والجهاد فهل يكون لنا من عمل ندرك به المجاهدين فقال عليه الصلاة والسلام :(‏ من قعدت منكن في بيتها فإنها تدرك عمل المجاهدين في سبيل الله ).
‏ ومن حقه عليها منعها من السفر وحدها أو مع غير محرم لها ولو كان ابن عمها أو ابن خالها، ولو كان هذا السفر لغرض ديني كأداء فرض الحج .‏
وقد جاءت السنة بهذا المنع .‏
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (‏ لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي رحم محرم عليها )‏ .‏ متفق عليه .‏
ومسافة السفر الشرعية تقدر بحوالي ‏84 كيلو مترًا.‏ وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول (‏ لا يخلونّ رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم، ولا تسافر امرأة إلا مع ذي رحم محرم فقال له رجل يا رسول الله إن امرأتي حاجة وإني كتبت في غزوة كذا وكذا قال انطلق فحج مع امرأتك )‏ متفق عليه.
وليس مقصود الشارع من ذلك حبس الزوجة والتضييق عليها والإساءة إلى سمعتها، وإنما المقصود هو حماية الأسرة والمحافظة على كيانها، وربط أواصر المحبة بين أفرادها حتى تستمر العشرة بين الزوجين على وجه حسن، وتؤتي الزوجية ثمراتها التي يريدها الشرع، ويتطلبها الاجتماع، ويبقى السكن والمودة بين الزوجين .‏
ومن ذلك يبين أنه لا يحل للزوجة شرعًا أن تسافر إلا بموافقة الزوج على هذا السفر .‏