مُعظم الفقهاء المذهبيين ـ وخاصة الحنفية والحنابلة ـ يُقرِّرون أنَّ الرَّضاع يَستوجب التحريم كالنسب إذا استوفى شرائطه، ومنها أن يكون سن المُرْتَضِع لا تتجاوز الحولين وعدد الرضعات خمسًا ـ وعلى خلاف في ذلك بين المذاهب ـ ولو كان الارْتضاع من امرأة بَكْر، أو كبيرة آيسة إذا نزل لهما لبن، أي: أنَّهم لم يشترطوا أن يكون اللبن نتيجةَ وِلادة، فقد يَدِرُّ لبنُ المرأة في بعض الحالات بعاطِفة الحنان دون وِلادة، فيترتَّب عليه الصِّلة الموجِبة للتحريم، إلا في قول ضعيف عند الحنابلة.

غير أنه من المعلوم أنه لابد من تحقيق نزول اللبن في هذا الارتضاع، ولا يكفي مجرد الْتِقَام الطِّفل للثَّدْي وامتِصاصه، وهذا معناه بِناء الحكم على تحقُّق ذلك، إذ الأصل في هذه الحال عدم وجود لبن.

فلو أن مثلا امرأة عجوز مُرضِعة قالت (بأنَّ شيئًا ما كان يَخرج من ثَدْيَيْها وترضعه المَوْلود). وهنا لم يتحقَّق كون هذا الشيء لبنًا، وليس نزًّا أو إفرازًا آخر؛ فإن الموضوع يَبقي في حيِّز الشك، ولا يكفي للتحريم.
فقد جاء في “المهذب” للشيرازي الشافعي: (وإن شكَّت المرضعة هل أرضعته أم لا، أو هل أرضعته خمسًا أو أربعًا لم يَثْبت التحريم) أ . هـ.
ولا يَخفى أن الشك في نزول اللبن مثل الشك في أصل الإرضاع أو كَمِّيَّته.