العِدَّة التي أوجبها الله في الإسلام على المرأة إذا تُوفِّي زوجها تشتمل على ثلاثة واجبات فقط هي:
1- عدم الخروج من بيت الزوجية، ولو لزيارة قصيرة، أو شراء شيء إلا للضرورة بمعناها الشرعي (كعلاج طبِّي مستعجل لا يمكن تأمينه في البيت مثلاً، أو عدم وجود أحد يمكن أن يُحضر للمرأة المعتدَّة لوازم حياتها الضرورية من طعام وشراب وكِساء، فعندئذ تَخرج بمقدار الضرورة وتعود فورًا) وذلك خلال مدة العدة أربعة أشهر وعشرة أيام، أو حتى وضع الحمل للمرأة الحامل.

2- عدم الزواج، وعدم خِطبتها بصورة صريحة لأجل الزواج خلال مُدَّة العِدَّة.

3 – لزوم الحِدَاد، وهو عدم التزيُّن والتعطُّر بوسائل الزينة التي تُتَّخذ عادة لإظهار المحاسن (وما يُسمَّى اليوم: ماكياج)، وعدم لبس الملابس الزاهية ذات الألوان المُفْرحة؛ لأنها تدل على الزَّهْو والابتهاج وقلة الاكتراث بفقد الزوج الذي هو عماد الأسرة.

ولا يجوز لها لبس السواد خاصة حدادًا للتعبير به عن حُزْنها أكثر من ثلاثة أيام فقط، وبعدها يجب أن تَنْتقل إلى الثِّياب والألوان الأُخرى غير الزَّاهية.

وأما الاستحمام وسائر وسائل النظافة فلا مانع منها، فإن الإسلام دين النظافة الظاهرة والباطنة ولا يَرضى للمسلم القذارة، ولا مانع من الامتشاط بالمُشْط الخَشِن الأسنان.

وأما رؤية الرجال الأجانب والتَّحدُّث معهم، فلا عَلاقة للعِدَّة به أصلاً بل إن ما كان جائزًا من ذلك شرعًا للمرأة بلباس الحِشْمة الساتر الشرعي، دون خُلوة مع أجنبي(1)، ما كان جائزًا لها قبل العِدة يبقى جائزًا خلال العدَّة.

فمحارمها من ابن أو أخ أو ابن أخت أو ابن أخ مثلاً ينظرون منها في العدة ما ينظرون منها في الحالات العادية. والأجنبي لا يجوز أن يَنظر منها سوى الوجه والكفين والقدَمين في العدة وخارجها. فمقابلة الرجل الأجنبي واستقباله (دون خُلوة) بالغِطاء الساتر لما سوى الوجه والكفين، وهو ما تصحُّ به صلاة المرأة، وكذلك الحديث معه، فهو جائز في العِدَّة وخارجها بالحدود المذكورة.
وما كان ممنوعًا من مظهرها وتكشُّفها وخُلوتها بالأجنبي قبل العدة يبقى هو الممنوع خلال العدة؛ لأن مفهوم العِدّة في الإسلام محصور بتلك الواجبات الثلاثة.

وما يفعله بعض الناس من تغْطية المَرايا، وعدم نظر المرأة المعتدَّة في مرآة، وتغطية المصابيح الكهربائية والثريات الضوئية، وقلب السَّجاجِيد، وعدم رؤْية رجل ولو كانت المرأة بملابِسها الساترة الشرعية، وعدم إظهار صوتها إذا قُرِعَ البابُ أو دُقَّ جرْسُ الهاتف، فكلُّ ذلك من الخُرافات المُلصَقة، وهي أوهام لا أساس لها في الشرع، وذلك جهل وغلو مشوَّه للمفاهيم الشرعيّة الحكيمة، ما أنزل الله بها من سلطان.


(1) والأجنبي معناه: كلُّ رجل ليس من مَحارِم المرأة، أي: ليس من أقاربها الذين لا يَحِل لهم التزوُّج بها، فأخو الزوج المتوفَّى وسائر أحْمَاء المرأة معدودون من الأجانب، ومعنى الخلوة بالأجنبي: وجودهما في بيت واحد ليس معهما شخص ثالث (الزرقا).