الملاكمة والمصارعة:

الملاكمة ومصارعة الثيران من المحرمات المنكرة لما في الملاكمة من الأضرار الكثيرة والخطر العظيم ، ولما في مصارعة الثيران من تعذيب للحيوان بغير حق ، أما المصارعة الحرة التي ليس فيها خطر ولا أذى ولا كشف للعورات فلا حرج فيها؛ لحديث مصارعة النبي صلى الله عليه وسلم ليزيد بن ركانة فصرعه عليه الصلاة والسلام ؛ ولأن الأصل في مثل هذا الإباحة إلا ما حرمه الشرع المطهر ، وقد صدر من المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي قرار بتحريم الملاكمة ومصارعة الثيران لما ذكرنا آنفا وهذا نصه :

القرار الثالث

بشأن موضوع ( الملاكمة والمصارعة الحرة ومصارعة الثيران )

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم . أما بعد :

فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي لرابطة العالم الإسلامي في دورته العاشرة المنعقدة بمكة المكرمة في الفترة من يوم السبت 24 صفر 1408 هـ الموافق 17 أكتوبر 1987 م إلى يوم الأربعاء 28 صفر 1408 هـ الموافق 31 أكتوبر 1987 م قد نظر في موضوع الملاكمة والمصارعة الحرة من حيث عدهما رياضة بدنية جائزة ، وكذا في مصارعة الثيران المعتادة في بعض البلاد الأجنبية ، هل تجوز في حكم الإسلام أو لا تجوز . وبعد المداولة في هذا الشأن من مختلف جوانبه والنتائج التي تسفر عنها هذه الأنواع التي نسبت إلى الرياضة وأصبحت تعرضها برامج البث التلفازي في البلاد الإسلامية وغيرها . وبعد الاطلاع على الدراسات التي قدمت في هذا الشأن بتكليف من مجلس المجمع في دورته السابقة من قبل الأطباء ذوي الاختصاص ، وبعد الاطلاع على الإحصائيات التي قدمها بعضهم عما حدث فعلا في العالم نتيجة لممارسة الملاكمة وما يشاهد في التلفزة من بعض مآسي المصارعة الحرة ، قرر مجلس المجمع ما يلي :

رأي مجلس المجمع الفقهي الإسلامي في الملاكمة :

يرى مجلس المجمع بالإجماع أن الملاكمة التي أصبحت تمارس فعلا في حلبات الرياضة والمسابقة في بلادنا اليوم هي ممارسة محرمة في الشريعة الإسلامية لأنها تقوم على أساس استباحة إيذاء كل من المتغالبين للآخر إيذاء بالغا في جسمه قد يصل به إلى العمى أو التلف الحاد أو المزمن في المخ أو إلى الكسور البليغة ، أو إلى الموت ، دون مسئولية على الضارب ، مع فرح الجمهور المؤيد للمنتصر ، والابتهاج بما حصل للآخر من الأذى ، وهو عمل محرم مرفوض كليا وجزئيا في حكم الإسلام لقوله تعالى : وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وقوله تعالى : وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا وقوله صلى الله عليه وسلم ” لا ضرر ولا ضرار ” . على ذلك فقد نص فقهاء الشريعة على أن من أباح دمه لآخر فقال له : ( اقتلني ) أنه لا يجوز له قتله ، ولو فعل كان مسئولا ومستحقا للعقاب . وبناء على ذلك يقرر المجمع أن هذه الملاكمة لا يجوز أن تسمى رياضة بدنية ولا تجوز ممارستها لأن مفهوم الرياضة يقوم على أساس التمرين دون إيذاء أو ضرر ، ويجب أن تحذف من برامج الرياضة المحلية ومن المشاركات فيها في المباريات العالمية ، كما يقرر المجلس عدم جواز عرضها في البرامج التلفازية كي لا تتعلم الناشئة هذا العمل السيئ وتحاول تقليده .

رأي مجلس المجمع الفقهي الإسلامي في المصارعة الحرة :

وأما المصارعة الحرة التي يستبيح فيها كل من المتصارعين إيذاء الآخر والإضرار به . فإن المجلس يرى فيها عملا مشابها تمام المشابهة للملاكمة المذكورة وإن اختلفت الصورة ، لأن جميع المحاذير الشرعية التي أشير إليها في الملاكمة موجودة في المصارعة الحرة التي تجرى على طريقة المبارزة وتأخذ حكمها في التحريم . وأما الأنواع الأخرى من المصارعة التي تمارس لمحض الرياضة البدنية ولا يستباح فيها الإيذاء فإنها جائزة شرعا ولا يرى المجلس مانعا منها .

رأي مجلس المجمع الفقهي الإسلامي في مصارعة الثيران :

وأما مصارعة الثيران المعتادة في بعض بلاد العالم ، والتي تؤدي إلى قتل الثور ببراعة استخدام الإنسان المدرب للسلاح فهي أيضا محرمة شرعا في حكم الإسلام ، لأنها تؤدي إلى قتل الحيوان تعذيبا بما يغرس في جسمه من سهام ، وكثيرا ما تؤدي هذه المصارعة إلى أن يقتل الثور مصارعه وهذه المصارعة عمل وحشي يأباه الشرع الإسلامي الذي يقول رسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح ” دخلت امرأة النار في هرة حبستها ، فلا هي أطعمتها وسقتها إذ حبستها ، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض ” . فإذا كان هذا الحبس للهرة يوجب دخول النار يوم القيامة فكيف بحال من يعذب الثور بالسلاح حتى الموت ؟

رأي مجلس المجمع الفقهي الإسلامي في التحرش بين الحيوانات :

ويقرر المجمع أيضا تحريم ما يقع في بعض البلاد من التحريش بين الحيوانات كالجمال والكباش ، والديكة ، وغيرها ، حتى يقتل أو يؤذي بعضها بعضا .