إقامة مأتم الأربعين بدعة مذمومة؛و يحرص كثير من الناس الآن على إقامة مأتم ليلة الأربعين لا يختلف عن مأتم يوم الوفاة، فيبلغون عنه فى الصحف ويقيمون له السرادقات، ويحضرون القراء وينحرون الذبائح .‏
ويفد المعزون فيشكر منهم من حضر ويلام من تخلف ولم يعتذر .‏
وتقيم السيدات بجانب ذلك مأتمًا آخر فى ضحوة النهار للنحيب والبكاء وتجديد الأسى والعزاء .‏
ولا سند لشىء من ذلك فى الشريعة الغراء، فلم يكن من هدى النبوة ولا من عمل الصحابة ولا من المأثور عن التابعين .‏
بل لم يكن معروفًا عندنا‏ إلى عهد غير بعيد .‏
وإنما هو أمر استحدث أخيرًا ابتداعًا لا اتباعًا وفيه من المضار ما يوجب النهى عنه .‏
فيه التزام عمل ممن يقتدى بهم وغيرهم، ظاهره أنه قربة وبر، حتى استقر فى أذهان العامة أنه من المشروع فى الدين .
وفيه إضاعة الأموال فى غير وجهها المشروع، فى حين أن الميت كثيرًا ما يكون عليه ديون أو حقوق الله تعالى أو للعباد لا تتسع موارده للوفاء بها مع تكاليف هذا المأتم، وقد يكون الورثة فى أشد الحاجة إلى هذه الأموال، ومع هذا يقيمون مأتم الأربعين استحياء من الناس ودفعًا للنقد، وكثيرًا ما يكون فى الورثة قصر يلحقهم الضرر بتبديد أموالهم فى هذه البدعة .‏
وفيه مع ذلك تكرير العزاء وهو غير مشروع لحديث (‏التعزية مرة)‏ لهذا وغيره من المفاسد الدينية والدنيوية أهبنا بالمسلمين أن يقلعوا عن هذه العادة الذميمة التى لا ينال الميت منها رحمة أو مثوبة .‏
بل لا ينال الحى منها سوى المضرة إذا كان القصد مجرد التفاخر والسمعة أو دفع الملامة والمعرة .‏
وأن يعلموا أنه لا أصل لها فى الدين قال تعالى {‏ وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا }‏ الحشر ‏7 .‏