إن الزواج في الإسلام مودة ورحمة ومعاشرة بالمعروف .‏ فإذا ظهرت عيوب مرضية مستقرة غير قابلة للعلاج والشفاء بأحد الزوجين .‏ فهل يجوز لأحدهما طلب فسخ الزواج قضاءً أم لا يجوز ؟

اختلف فقهاء الشريعة في هذا إلى ثلاثة أراء :‏
الأول -‏أنه لا خيار لأحد الزوجين إذا ما وجد بصاحبه عيبًا .‏
فلا يجوز له طلب فسخ عقد الزواج سواء كان هذا العيب قبل العقد أو حدث بعده .‏
وسواء كان بالزوج أو بالزوجة .‏
وبهذا يقول الظاهرية .‏
الثانى -‏أنه يجوز طلب التفريق بعيوب محددة .‏
ويقول بهذا فقهاء مذاهب الأئمة أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد -‏ غير أن فقهاء المذهب الحنفي يرون أن التفريق يكون بسبب العيوب المرضية التي توجد في الرجل خاصة على خلاف بينهم في عدد هذه العيوب .‏
بينما يرى فقهاء مذاهب المالكية والشافعية والحنابلة جواز طلب التفريق بسبب العيوب المرضية سواء للرجل أوالمرأة .‏
وإن اختلف هؤلاء أيضًا في عدد العيوب المجيزة لهذا الطلب ونوعيته .‏

الثالث -‏ يجيز طلب التفريق مطلقًا بأي عيب جسدي أو مرضي .
ولأي من الزوجين هذا الحق وبهذا يقول شريح وابن شهاب والزهري وأبو ثور وقد انتصر لهذا الرأي العلامة ابن القيم في زاد المعاد ج ‏4 ص ‏58، ‏59
هذا والصحيح في مذهب الإمام أحمد بن حنبل كما جاء في المغني لابن قدامة ص ‏587 ج ‏7 أن الزوج إذا وجد بزوجته بعد الدخول بها عيبًا لم يكن يعلمه قبل العقد ولم يرض به -‏ أنه يرجع بالمهر على من غره -‏ وأن ولي الزوجة ضامن للصداق .‏
وبهذا قال الإمام مالك والإمام الشافعى في القديم والزهري وقتادة .‏
اعتدادًا بأثر مروي عن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقال أبو حنيفة والشافعي في الجديد .‏
لا يرجع الزوج بشىء على أحد .‏
لأنه بالدخول بها قد استوفى حقه -‏ استنادًا إلى قول سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه في هذه الواقعة ولما كان القضاء في مصر قد جرى في هذا الموضع على أرجح الأقوال في فقه مذهب الإمام أبي حنيفة عملاً بالمادة ‏280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية بالمرسوم بقانون رقم ‏78 لسنة ‏1931م .‏
وكان فقه هذا المذهب يقضي بأنه لا حق للزوج في طلب فسخ الزواج إذا وجد بزوجته عيبًا اكتفاء بما يملكه من حق الطلاق إذا يئس من علاجها .‏
لأن الزوجية قائمة على حق تبادل المتعة .‏
ففي فتح القدير ج ‏3 ص ‏268 وما بعدها .‏ وإذا كان بالزوجة عيب .‏
أى عيب كان .‏ فلا خيار للزوج فى فسخ النكاح .‏
وذلك لأن فوت الاستيفاء بالكلية بالموت لا يوجب الفسخ حتى لا يسقط شىء من مهرها فاختلاله بهذه العيوب أولى .‏
وهذا لأن الاستيفاء من الثمرات .‏
وفوت الثمرة لا يؤثر في العقد ألا ترى أنه لو لم يستوف لبخر أو ذفر أو قروح فاحشة لم يكن له حق الفسخ .‏
وإنما المستحق هو التمكن .‏ وهو حاصل بالشق أو الفتق -‏ انتهى .‏

وفي فقه المذاهب الأربعة ج ‏4 ص ‏189 طبعة ثانية (‏ لا خيار للرجل بوجود عيب في بضع المرأة من رتق أو نحوه .‏
ولكن له الحق في إجبارها على إزالته بجراحة وعلاج كما أنه إذا يئس من علاجها فله مفارقتها بالطلاق في هذه الحالة .‏
لأن الزوجية قائمة على الاستمتاع .‏ وفي فراقها عند اليأس من العلاج بدون تشهير فيه رحمة بها )‏ -‏ انتهى -‏

لما كان ذلك وكان المنصوص عليه شرعًا أن عقد الزواج متى صدر مستوفيًا أركانه وشروطه الشرعية المبسوطة في كتب الفقه انعقد صحيحًا شرعًا مستتبعًا آثاره ونتائجه من حقوق وواجبات لكل من الزوجين قبل الآخر ولا تتوقف صحته على صلاحية الزوجة للوطء .‏
كان عقد الزواج قد انعقد صحيحًا .‏ وترتبت عليه كل الآثار وإنما اكتشفه الزوج بزوجته من رتق وليس له إلا أن يعاشرها بمعروف أو يفارقها بطلاق إذا يئس من علاجها .‏
وبالتالي يكون لها جميع الحقوق الشرعية التي تترتب على هذا الطلاق ومنها مؤخر الصداق .‏