يقول فضيلة الشيخ عطية صقر رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر ـ رحمه الله ـ في كتابه أحسن الكلام في الفتوى والأحكام:

جاء في كتاب ” حياة الحيوان الكبرى ” للدميري عند كلامه على الدجاج ما نصه: ” فرع ” البيضة التي في جوف الطائر الميت فيها ثلاثة أوجه حكاها الماوردي والروياني والشاشي، أصحُّها ـ وهو قول ابن القطّان وأبي الفياض وبه قطع الجمهور ـ إن تصلّبت فطاهرة وإلا فنجسة، والثاني طاهرة مطلقًا، وبه قال أبو حنيفة، لتميُّزها عنه، فصارت بالولد أشبه. الثالث نجسة مطلقًا وبه قال مالك؛ لأنها قبل الانفصال جزء من الطائر، وحكاه المتولي عن نص الشافعي رضي الله ـ تعالى ـ عنه، وهو نقل غريب شاذ ضعيف. وقال صاحب الحاوي والبحر: فلو وضعت هذه البيضة تحت طائر فصارت فرخًا كان الفرخ طاهرًا على الأوجه كلها كسائر الحيوان، ولا خلاف أن ظاهر البيضة نجس.

وأما البيضة الخارجة في حال حياة الدجاجة فهل يحكم بنجاسة ظاهرها؟ فيه وجهان حكاهما الماوردي والروياني والبغوي وغيرهم، بناء على الوجهين في نجاسة رطوبة فرج المرأة، قال في المهذب: إن المنصوص نجاسة رطوبة فرج المرأة، وقال الماوردي: إن الشافعي رضي الله ـ تعالى ـ عنه قد نص في بعض كتبه على طهارتها، ثم حكى التنجيس عن ابن سريج. فملخص الخلاف فيها قولان لا وجهان.

وقال الإمام النووي: رطوبة الفرج طاهرة مطلقًا، سواء كان الفرج من بهيمة أو امرأة، وهو الأصح. وإذا فرَّعْنا على نجاسة رطوبة الفرج، فنقل النووي في شرح المهذب عن فتاوى ابن الصباغ ولم يخالفه أن المولود لا يجب غسله إجماعًا، وقال في آخر باب الآنية من الشرح المذكور: إن فيه وجهين حكاهما الماوردي والروياني، وقد حكاهما الشيخ أبو عمرو بن الصلاح في فتاويه. ورأيت في ” الكافي ” للخوارزمي أن الماء لا ينجُس بوقوعه فيه، فيحتمل أن يكون الخلاف مفرّعًا على القول القديم بعدم وجوب الغسل لكونه نجسًا معفوا عنه. وأما إذا انفصل الولد حيًّا بعد موتها فعينه طاهرة بلا خِلاف، ويجب غسل ظاهره بلا خلاف. وأما البلل الخارج مع الولد أو غيره فنجس، كما جزم به الرافعي في الشرح الصغير والنووي في شرح المهذب، وقال الإمام: لا شك فيه.

وأما الرطوبة الخارجة من باطن الفرج فإنها نجِسة كما تقدم، وإنما قلنا بطهارة ذكر المُجامع ونحوه على ذلك القول لأنا لا نقطع بخروجها .قال في الكفاية: والفرق بين رطوبة فرج المرأة ورطوبة باطن الذَّكَر لأنها لزجة لا تنفصل بنفسها ولا تمازج سائر رطوبات البدن، فلا حكم لها. قلت: والرطوبة هي ماء أبيض متردِّد بين المذي والعَرق، كما قاله في شرح المهذب وغيره. انتهى ما قاله الدميري في ذلك.