قال الله تعالى: (وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ) إن الصلاة إذا وقعت تامة ومعها خشوع صحيح ملأت قلب صاحبها نورًا وأورثته الخوف من الله فلا يقع في المعاصي، وإن عَصَى بادر بالتوبة والله سبحانه بفضله لا يُضَيِّع كلَّ ثوابِها إذا خَلَت من الخشوع، ولكنَّ أثرها في تربية السُّلوك يكون ضعيفًا، وعلى قدْر ما يكون فيها من خشوع يكون الثواب، ويكون الأثر في السُّلوك. وعلى كل مُصَلٍّ أن يجتهد في أداء الصلاة بعيدًا عن الرياء والشواغل التي تصْرِف عقْلَه وَقَلْبَه عن الإحساس بجلال الموقف مع الله. ولكل مُجْتهد نصيبٌ.
ولا يجوز أبدًا لمن يُصلِّي ويعْصى الله أن يترك الصلاة؛ لأنها لم تُؤَثِّر في تقويم سلوكه، فالصلاة واجبةٌ وَتَرْكُ المعاصي واجب، وعلى كلِّ إنسان أن يجتهد في أداء هذين الواجبين، ولعلَّ المحافظة على الصلاة تُؤدي إلى الخشوع فيها وبالتالي إلى تَرْكِ المعاصي، وكل شيء بالتدريب والتمرين يُمكن أن يتم على الوجه المطلوب، والله سبحانه يقول: (وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحًا وَآَخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (سورة التوبة : 102).
هذا، وهُناك قولٌ مأثور يقول: “من لم تَنْهَهُ صلاته عن الْفَحْشَاءِ والمُنْكر لم يَزْدَدْ من الله إلا بُعْدًا” ويمكن أن يكون معناه صحيحًا وروى عليّ أنه حديث مُرْسَل صحيح إلى الحسن البصري، رواه الطبراني من قولِ ابن مسعود بإسناد صحيح، وليس مرفوعًا إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومهما يكنْ من شيء فهو حثٌّ على إتقان الصلاة والمُحافظة عليها وعلى ربطِ العبادة بالسلوك ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً. “راجع ص 550 من المجلد الأول”.