ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم  صلى بالأنبياء في المسجد الأقصى ، وكانت الصلاة في ذلك الوقت قد فرضت ركعتين أول النهار وركعتين آخره ، فصلى بهم هذه الصلاة قبل أن تفرض بكيفيتها المفروضة علينا في المعراج.

يقول فضيلة الشيخ عطية صقر – رحمه الله تعالى – :
ثبَت في صحيح مسلم من طريقٍ ثابت البناني عن أنس أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ صلَّى ليلة الإسراء ببيت المقدس ركعتين، كما ثبت أنه صلى بالأنبياء إمامًا، أي بعد صلاة الركعتين، وأنْكر حذيفة بن اليمان صلاته ـ عليه الصلاة والسلام ـ ببيت المقدس، محتجًّا بأنه لو صلَّى فيه لكَتب عليكم الصلاة فيه كما كَتب عليكم الصلاة في البيت العتيق، ولكن تعقَّبه البيهقي وابن كثير بأن المُثبِت ـ وهم جمهور الصحابة ـ مُقدَّم على النافي .

يقول القسطلاني في كتابه “المواهب اللدنية” وشرحه للزرقاني: وقد اختُلف في هذه الصلاة، هل هي فرض أو نفل قال بعض العلماء إنَّها فرْض، بناء على ما قاله النُّعماني، وقال البعض: إنها نفْل، وإذا قلنا: إنها فرْض، فأي صلاة هي؟ قال بعضهم الأقرب أنها الصبْح، ويُحتمل أن تكون العشاء، وإنما يتأتَّى على قول من قال إنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ صلَّى بهم قبل عُروجه إلى السماء، وفي النعماني: إنما يتأتَّى على أن الإسراء من أول الليل، لكن قال بعض رواة حديث الإسراء: إنه بعد صلاة العشاء، وأما على قول مَن قال: صلَّى بهم بعد العروج فتكون الصبح. والاحتمالان، كما قال الشامي، ليسا بشيء، سواء قلنا صلَّى بهم قبل العروج أم بعده؛ لأن أول صلاة صلاها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من الخَمْس مُطلقًا الظُّهر بمكة باتفاق، ومن حمل الأوَّليَّة على مكةَ فعليه الدليل، قال: والذي يظهر أنها كانت من النفل المُطلق، أو كانت من الصلاة المفروضة عليه قبل ليلة الإسراء، وفي فتاوى النووي ما يؤيد الثاني اهـ .

بعد هذا أقول: إن الصلاة كانت مفروضة قبل ليلة الإسراء، وكانت ركعتين أول النهار وركعتين آخره، وأما التي فُرضت ليلة الإسراء فهي كونُها خمسة فروض بركعاتها المعروفة، وعليه: فيجوز أن تكون صلاة الرسول ببيت المقدس ركعتين تحيةً للمسجد، صلاهما وحده والتي صلاها إمامًا بالأنبياء يجوز أن تكون نافلة من صلاة الليل وقد كانت مشروعة له ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وجاء في بعض الروايات أنه ـ عليه الصلاة والسلام ـ وجد الأنبياء يُصلون عند دخوله المسجد، ولما حان وقت الصلاة أذَّن مؤذِّن ثم أقيمت، وقدَّمه جبريل عليهم بعد أن تبيَّن فضله من واقع ما أَثنى به كلٌّ على نفسه، ولكن مثل هذه الروايات لا ينبغي التعْويل عليها في صورتها الجُزْئية، بعد أن كرَّم الله رسوله وأخذ على الأنبياء الميثاق إن أدْركوه أن يؤمِنوا به وينْصروه، ومهما يكن من شيء فالخلاف في هذا الموضوع ليست له نتيجة عملية.أ.هـ