روى البخاري ومسلم عن أبي ذر ـ رضي الله عنه ـ قال: أتيت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعليه ثوب أبيض وهو نائم، ثم أتيته وقد استيقظ فقال “ما من عبد قال لا إله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة” قلت: وإن زَنَى أو سَرَقَ؟ قال: “وإن زَنَى وإن سَرَق” قلت: وإن زَنَى وإن سَرَق؟ قال: “وإن زَنَى وإن سَرَق” قلت: وإن زَنَي وإن سَرَق؟ قال : “وإن زَنَى وإن سَرَق على رغم أنف أبى ذر” فخرج أبو ذر وهو يقول: وإن رغم أنف أبى ذر.
وفي رواية للبخاري أن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال “أتاني جبريل فقال: من مات من أمتك لا يُشرِك بالله شيئًا دخل الجنة قلت: وإن زَنَى وإن سَرَق.
يؤخذ من هذا أن الإنسان ما دام مؤمنًا ومات على إيمانه سيدخل الجنة، فإن كانت عليه ذنوب، ومات ولم يَتُب منها فقد يَغفِر الله له إن شاء، وقد يغفر له بشفاعة، وقد يُعذبه في النار بمقدر عصيانه، وفي النهاية يَخرج منها ولا يَخلُد فيها، أي يَنتهِي مصيره إلى الجنة، قال تعالى: (إنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أنْ يُشْرَكَ بِهِ ويَغِفِرُ ما دُونَ ذلكَ لِمَنْ يَشاءُ) (سورة النساء : 48).
وروى البخاري ومسلم أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: “إن الله قد حَرَّمَ على النار من قال لا إله إلا الله يَبتغي بذلك وجه الله” أي حَرَّمَ خلوده فيها.
أما الأحاديث التي تَنفِي الإيمان عن الزاني والسارق ومرتكبي المعاصي فيُراد بها نفْي الإيمان الكامل، وليس نفْي الإيمان أصلاً، ومثل “لا يَزنِي الزاني حين يَزنِي وهو مؤمن” فالمعصية لا تَنفِي الإيمان، ولا تُخرِج العاصي إلى الكفر كما يقول الخوارج، اللهم إذا اعتقد أنَّ المعصية حلال، أي ارتَكَب الزِّنَى مثلاً على أنه حلال غير حرام فهنا يكون كافرًا، ويَنطبِق عليه ظاهر الحديث وإطلاقه دون تقييد.