من القواعد الفقهية أن الضرورات تُبيح المحظورات، ومعلوم أن المرأة لا يجوز لها أن تكشف عن شيء من جِسمها لرجل أجنبي ـ فيما عدا الوجه والكفين على تفصيل في ذلك ـ وبالتالي لا يجوز اللمْس بدون حائل.

أما عند الضرورة المصورة بعدم وجود زوج أو مَحْرَم أو امرأة مسلمة تقوم بذلك فلا مانع من النظر واللَّمس، مع مراعاة القاعدة الفقيه الأخرى وهي: أن الضرورة تُقَدَّر بقدرها. ولهذا الاستثناء احتياطات وآداب نورد فيها بعض ما قاله العلماء.

جاء في كتاب ” الإقناع في شرح متن أبي شجاع” للشيخ الخطيب في فقه الشافعية ” ج2 ص 120″

أن النظر للمداواة يجوز إلى المواضع التي يُحتاج إليها فقط؛ لأنَّ في التحريم حينئذٍ حَرَجًا، فللرجل مداواة المرأة وعكْسه، ولْيَكُن ذلك بحضرة مَحْرم أو زوج أو امرأة ثقة إن جوَّزنا خُلْوة أجنبي بامرأتين وهو الرَّاجح، ويُشْترط عدم امرأة يمكنها تعاطي ذلك من امرأة، وعكسه، كما صححه، كما في زيادة “الروضة” وألا يكون ذِميًّا مع وجود مُسلم، وقياسه ـ كما قال الأَذْرعي- ألا تكون كافرة أجنبية مع وجود مسلمة على الأصح، ولو لم نجد لعلاج المرأة إلا كافرة ومسلمًا فالظاهر أن الكافرة تُقَدَّم؛ لأن نظرها ومسها أخف من الرجل، بل الأشبه عند الشيخين أنها تنظر منها ما يبدو عند المهنة، بخلاف الرجل، وقُيِّد ـ في الكافي ـ الطبيب بالأمين، فلا يُعدَل إلى غيره مع وجوده، ثم قال:

وشرط الماوردي أن يأمن الافتتان ولا يكشف إلا قدر الحاجة، وفي معنى ما ذكر نَظرُ الخاتن إلى فرج من يَخْتنه، ونظر القابلة إلى فرْج التي تولِّدها، ويُعتبر في النظر إلى الوجه والكفين مطلق الحاجة، وفي غيرهما- ما عدا السَّوْأتين ـ تأكُّدها، بأن يكون مما يُبيح التيمُّم كَشِدَّة الضَّنى، وفِي السَّوْأتين مزيدُ تأكُّدِها، بألَّا يُعد التكشُّف بسببها هتكًا للمروءة. وفي حاشية عوض على شرح الخطيب المذْكور ما يدل على أن المباح في العلاج ما كان بالنظر. أما اللمس فيجوز عند الحاجة، وإلا فلا.

وجاء فيها: رتَّب البلقينى المعالج في المرأة بأن يقدَّم أولاً المرأة المسلمة في مسلمة، ثم صبي مسلم غير مراهق، ثم كافر غير مراهق، ثم مراهق مسلم، ثم مراهق كافر ثم المَحْرم المسلم، ثم المَحْرم الكَافر، ثم الممْسوح المسلم، ثم المرأة الكافرة، ثم الممسوح الكافر، ثم المسلم الأجنبي، ثم الكافر الأجنبي، والزَّوج مُقَدَّم على الكل انتهى.