إذا كان ما أعطاه الأب لابنه بيعًا بمقابل ولو كان بسيطًا، فلا يجوز له استعادته إذا تَسَلَّمه الولد؛ لأنه بالبيع خرج عن مِلْكِه نهائيًا وصار مِلْكًا تامًا لولده.

أما إن كان الإعطاء هِبة بدون مُقابل، فهي حق للموهوب له بمجرد العَقْد حتى لو لم يقبضها كما قال مالك وأحمد، لكنَّ أبا حنيفة والشافعي شَرطا القبض حتى تكون لازمة.
والرجوع في الهِبة حرامٌ عند جمهور الفقهاء إلا إذا كانت من الوالد لولده، فإن له أن يرجع فيها، فقد روى أصحاب السُّنن –الترمذي وأبو داود والنسائي وابن ماجه- عن ابن عباس وابن عمر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال : “لايحِلُّ لرجلٍ أن يُعطي عَطِيَّة أو يَهَبُ هِبَةً فيرجع فيها، إلا الوالد فيما يُعطي ولده”.

وحُكم الوالد حُكم الوالدة، ويستوي في الولد أن يكون كبيرًا أو صغيرًا.
هذا هو رأي الجمهور في حُرْمَة الرجوع في الهِبة، لكنَّ مالكًا قال: يجوز الرجوع في الهِبة إن بقيت على حالها، فإن تغيَّرت فلا رجوع، وقال أبو حنيفة : ليس له الرجوع فيما وهب لابنه ولكلِّ ذي رحم من الأرحام، وله الرجوع فيما وهبه للأجانب، ولكن رأيه غير قوي لمعارضته للحديث.

وجاء في النهي عن الرجوع في الهِبة حديث “مَثَلُ الذي يُعطي العَطية ثم يرجِع فيها كَمَثَلِ الكلب الذي يأكل، فإذا شَبِعَ قَاء، ثم عاد في قيئة”. (رواه الترمذي وغيره. وقال: حديث حسن صحيح).

فإن كان الأب أعطى مملتكاته أو بعضها لولدٍ على سبيل الهِبة بدون مُقابل فله الرجوع عند جمهور الفقهاء، وليس له الرجوع عند أبي حنيفة ، ورأي الجمهور أقوى.