لا شك أن هناك تقصيرا في فهم الأولويات وترتيبها، وهذا واجب العلماء والدعاة ووسائل الإعلام، فقد يقوم العلماء والدعاة بواجب النداء ويقع التقصير من جانب وسائل الإعلام في القيام بواجب البلاغ.

أيهما يقدم:

-النافلة أم فرض العين؟

-النافلة أم فرض الكفاية؟

لا خلاف أن الفرض مقدم على النافلة، ولذا قيل: من شغلته الفريضة عن النافلة فهو معذور، ومن شغلته النافلة عن الفريضة فهو مغرور.

فلا خلاف بين أهل العلم أن إعانة المحتاجين مقدمة على تكرار العمرة ومقدمة على حج النافلة، لما يأتي:

– عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم أي العمل أفضل؟ قال: إيمان بالله ورسوله; قيل ثم ماذا؟ قال: الجهاد في سبيل الله; قيل: ثم ماذا؟ قال: حج مبرور. متفق عليه.

– وعن ماعز –رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل أي الأعمال أفضل؟ قال إيمان بالله وحده ثم الجهاد ثم حجة برة تفضل سائر الأعمال كما بين مطلع الشمس إلى مغربها. رواه أحمد والطبراني وصححه الألباني في صحيح الجامع حديث رقم (1091)

وفي مجموع الفتاوى لابن تيمية يتجلى لكل ذي بصيرة عمق فهمه وفقهه للأولويات فيقول -رحمه الله-:

… قد يكون مقام الرجل في أرض الكفر والفسوق من أنواع البدع والفجور أفضل: إذا كان مجاهدا في سبيل الله بيده أو لسانه آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر بحيث لو انتقل عنها إلى أرض الإيمان والطاعة لقلت حسناته ولم يكن فيها مجاهدا وإن كان أروح قلبا.

وكذلك إذا عدم الخير الذي كان يفعله في أماكن الفجور والبدع. ولهذا كان المقام في الثغور بنية المرابطة في سبيل الله تعالى أفضل من المجاورة بالمساجد الثلاثة باتفاق العلماء؛ فإن جنس الجهاد أفضل من جنس الحج كما قال تعالى: {أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لا يستوون عند الله والله لا يهدي القوم الظالمين} ،  {الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله} الآية ، {وسئل النبي صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل؟ قال: إيمان بالله ورسوله وجهاد في سبيله قال: ثم ماذا؟ قال: حج مبرور} . انتهى..

ومن القواعد المقررة: أن الله لا يقبل النافلة حتى تؤدى الفريضة، ولذا قيل : من شغله الفرض عن النفل فهو معذور، ومن شغلته النافلة عن الفريضة فهو مغرور.

وإننا نرى بأعيننا ملايين المسلمين مشغولين –بل منهمكين- في النوافل وأبرزها سنويا : حج التطوع وعمرة رمضان، وإخوانهم المسلمون في أوطان كثيرة في أمس الحاجة، بل الضرورة، إلى ما يمسك رمقهم، ويحفظ عليهم أصل الحياة. أ.هـ

الخلاصة: إن دعم القوافل الإنسانية لمساندة إخواننا المحتاجين هي من أوجب الواجبات وهي مقدمة على تكرار الحج والعمرة.