القضاء والقدر ركن من أركان الإيمان، والرضا بقدر الله ـ عز وجل ـ من سمات المؤمنين، فالمؤمن في الدنيا معرض للابتلاء في نفسه، وأهله، أو ماله، كما قال تعالى: (لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ [آل عمران : 186])، فالحياة لا تسير على وتيرة واحدة، بل فيها السراء والضراء، والخير والشر.

وقال سفيان الثوري في قول الله تعالى: (وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ [الحج : 34]) قال :هم المطمئنون الراضون لقضاء الله المستسلمون له.

فيجب على المسلم ألا يبث حزنه وشكواه إلا إلى الله، لقوله تعالى عن يعقوب عليه السلام: (إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ [يوسف : 86]).كما قال الإمام أحمد بن حنبل ـ رضي الله عنه.

أما إخبار المخلوق بحاله لغيره لا على سبيل الشكوى، فإنه جائز؛ فقد قال نبي من أنبياء الله تعالى لرب العالمين (أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ [الأنبياء : 83])، وقد قال صلى الله عليه وسلم: “إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قومًا ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط.

وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:”والعبد قد يصبر على المصيبة، ولا يرضى بها، فالرضا أعلى من مقام الصبر”.

وإن كان الأولى ألا يتحدث الإنسان عن بلائه رضًا بقدر الله تعالى، فعن عطاء بن يسار أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: “إذا مرض العبد، بعث الله إليه ملكين، فقال انظروا ما يقول لعواده؟ فإن هو إذا جاءوه حمد الله، وأثنى عليه، رفعا ذلك إلى الله، وهو أعلم، فيقول: لعبدي علي إن توفيته أن أدخله الجنة، وإن أنا شفيته أن أبدله لحمًا خيرًا من لحمه، ودمًا خيرًا من دمه، وإن أكفر عنه سيئاته”. والحديث حسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب.

والخلاصة.. أن المؤمن يستحب له أن لا يشكو إلا إلى الله، لكنه لو تحدث على غير نية الشكوى، هو جائز وإن كان الأولى تركه.