أكَّد المجلس الأوربي للإفتاء والبحوث قرارات المجامع الفقهية التي سبقته، والتي أباحت نقل الأعضاء بشروط،  وقد استكمل المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث بعد المناقشة بعض المسائل التي تتعلق بنقل الأعضاء، مثل تحديد المتبرع للمنتفع وهل ينفذ الورثة وصية من يريد التبرع.

وهذا نص قراره:

(أ) يؤكد المجلس قرار المجمع الفقهي الإسلامي بمكة (التابع لرابطة العالم الإسلامي) رقم…… وقرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي بجدة (المنبثق عن منظمة المؤتمر العالم الإسلامي) رقم 26 (1/4) بشأن انتفاع الإنسان بأعضاء جسم إنسان آخر حياً كان أو ميتاً، ونصه:

من حيث التعريف والتقسيم:

أولاً: يقصد هنا بالعضو أي جزء من الإنسان، من أنسجة وخلايا ودماء ونحوها، كقرنية العين. سواء أكان متصلاً به، أم منفصلاً عنه.

ثانياً: الانتفاع الذي هو محل البحث، هو استفادة دعت ضرورة المستفيد لاستبقاء أصل الحياة، أو المحافظة على وظيفة أساسية من وظائف الجسم كالبصر ونحوه. على أن يكون المستفيد يتمتع بحياة محترمة شرعاً.

ثالثاً: تنقسم صور الانتفاع هذه إلى الأقسام التالية:

1. نقل العضو من حي.

2. نقل العضو من ميت.

3. النقل من الأجنة.

الصورة الأولى:

وهي نقل العضو من حي، تشمل الحالات التالية:

أ – نقل العضو من مكان من الجسد إلى مكان آخر من الجسد نفسه، كنقل الجلد والغضاريف والعظام والأوردة والدم ونحوها.

ب – نقل العضو من جسم إنسان حي إلى جسم إنسان آخر. وينقسم العضو في هذه الحالة إلى ما تتوقف عليه الحياة وما لا تتوقف عليه.

أما ما تتوقف عليه الحياة، فقد يكون فردياً، وقد يكون غير فردي، فالأول كالقلب والكبد، والثاني كالكلية والرئتين.

وأما ما تتوقف عليه الحياة، فمنه ما يقوم بوظيفة أساسية في الجسم ومنه ما لا يقوم بها. ومنه ما يتجدد تلقائياً كالدم، ومنه ما لا يتجدد، ومنه ما له تأثير على الأنساب والمورِّثات، والشخصية العامة، كالخصية والمبيض وخلايا الجهاز العصبي، ومنه ما لا تأثير له على شيء من ذلك.

الصورة الثانية:

وهي نقل العضو من ميت:

ويلاحظ أن الموت يشمل حالتين:

الحالة الأولى:

موت الدماغ بتعطل جميع وظائفه تعطلاً نهائياً لا رجعة فيه طبياً.

الحالة الثانية:

توقف القلب والتنفس توقفاً تاماً لا رجعة فيه طبياً.

وقد روعي في كلتا الحالتين قرار المجمع في دورته الثالثة:

الصورة الثالثة:

وهي النقل من الأجنة، وتتم الاستفادة منها في ثلاث حالات:

1-حالة الأجنة الني تسقط تلقائياً.

2- حالة الأجنة التي تسقط لعامل طبي أو جنائي.

3-  حالة اللقائح المستنبتة خارج الرحم.

من حيث الأحكام الشرعية:

أولاً: يجوز نقل العضو من جسم الإنسان إلى مكان آخر من جسمه، مع مراعاة التأكد من أن النفع المتوقع من هذه العملية أرجح من الضرر المترتب عليها، وبشرط أن يكون ذلك لإيجاد عضو مفقود أو لإعادة شكله أو وظيفته المعهودة له، أو لإصلاح عيب أو إزالة دمامة تسبب للشخص أذى نفسياً أو عضوياً.

ثانيا: يجوز نقل العضو من جسم إنسان إلى جسم إنسان آخر، إن كان هذا العضو يتجدد تلقائياً، كالدم والجلد، ويراعى في ذلك كون الباذل كامل الأهلية، وتحقق الشرعية المعتبرة.

ثالثاً: تجوز الاستفادة من جزء من العضو الذي استؤصل من الجسم لعلة مرضية لشخص آخر، كأخذ قرنية العين لإنسان ما عند استئصال العين لعلة مرضية.

رابعاً: يحرم نقل عضو تتوقف عليه الحياة كالقلب من إنسان إلى إنسان آخر.

خامساً: يحرم نقل عضو من إنسان حي يعطل زواله وظيفة أساسية في حياته وإن لم تتوقف سلامة أصل الحياة عليها، كنقل قرنية العينين كلتيهما، أما إن كان النقل يعطل جزءاً من وظيفة أساسية فهو محل بحث ونظر، كما يأتي في الفقرة الثامنة.

سادساً: يجوز نقل عضو من ميت إلى حي تتوقف حياته على ذلك العضو، أو تتوقف سلامة وظيفة أساسية فيه على ذلك، بشرط أن يأذن الميت قبل موته أو ورثته بعد موته، أو بشرط موافقة وليِّ أمر المسلمين إن كان المتوفى مجهول الهوية أو لا ورثة له.

سابعاً: وينبغي ملاحظة: أن الاتفاق على جواز نقل العضو في الحالات التي تم بيانها، مشروط بأن لا يتم ذلك بوساطة بيع العضو، إذ لا يجوز إخضاع الإنسان للبيع بحال ما.

أما بذل المال من المستفيد، ابتغاء الحصول على العضو المطلوب عند الضرورة أو مكافأة وتكريماً، فمحل اجتهاد ونظر.

ثامناً: كل ما عدا الحالات والصور المذكورة، مما يدخل في أصل الموضوع، فهو محل بحث ونظر، ويجب طرحه للدراسة والبحث في دورة قادمة، على ضوء المعطيات الطبية  والأحكام الشرعية.

(ب) يؤكد المجلس أيضاً قرار مجمع الفقه الاسلامي الدولي بجدة رقم 57 (8/6) بشأن زراعة الأعضاء التناسلية، ونصه:

أولاً:

زرع الغدد التناسلية: بما أن الخصية والمبيض يستمران في حمل وإفراز الصفات الوراثية (الشفرة الوراثية) للمنقول منه حتى بعد زرعهما في متلقّ جديد، فإن زرعهما محرم شرعاً.

ثانياً:

زرع أعضاء الجهاز التناسلي: زرع بعض أعضاء الجهاز التناسلي التى لا تنقل الصفات الوراثية – ما عدا العورات المغلظة – جائز لضرورة مشروعة وفق الضوابط والمعايير الشرعية المبينة في القرار رقم 26 (1/4) لهذا المجمع، والله أعلم.

(ج) يؤكد المجلس أيضاً قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي بجدة رقم 54 (5/6) بشأن زراعة خلايا المخ والجهاز العصبي ونصه:

أولاً: إذا كان المصدر للحصول على الأنسجة هو الغدة الكظرية للمريض نفسه وفيه ميزة القبول المناعي؛ لأن الخلايا من الجسم نفسه، فلا بأس من ذلك شرعاً.

ثانياً: إذا كان المصدر هو أخذها من جنين حيواني فلا مانع من هذه الطريقة إن أمكن نجاحها ولم يترتب على ذلك محاذير شرعية. وقد ذكر الأطباء أن هذه الطريقة نجحت بين فصائل مختلفة من الحيوان، ومن المأمول نجاحها باتخاذ الاحتياطات الطبية اللازمة لتفادي الرفض المناعي.

ثالثاً: إذا كان المصدر للحصول على الأنسجة هو خلايا حية من مخ جنين باكر (في الأسبوع العاشر أو الحادي عشر) فيختلف الحكم على النحو التالي.

أ: الطريقة الأولى: أخذها مباشرة من الجنين الإنساني في بطن أمه، بفتح الرحم جراحياً، وتستتبع هذه الطريقة إماتة الجنين بمجرد أخذ الخلايا من مخه، ويحرم ذلك شرعاً إلا إذا كان بعد إجهاض طبيعي غير متعمد أو إجهاض مشروع لإنقاذ حياة الأم وتحقق موت الجنين، مع مراعاة الشروط التي سترد في موضوع الاستفادة من الأجنة في القرار رقم 95 (8/6) لهذه الدورة.

ب: الطريقة الثانية: وهي طريقة قد يحملها المستقبل القريب في طياته باستزراع خلايا المخ في مزارع للإفادة منها، ولا بأس في ذلك شرعاً إذا كان المصدر للخلايا المستزرعة مشروعاً، وتم الحصول عليها على الوجه المشروع.

رابعاً: المولود اللادماغي: طالما ولد حياً، لا يجوز التعرض له بأخذ شيء من أعضائه إلى أن يتحقق موته بموت جذع دماغه، ولا فرق بينه وبين غيره من الأسوياء في هذا الموضوع، فإذا مات فإن الأخذ من أعضائه تراعى فيه الأحكام والشروط المعتبرة في نقل أعضاء الموتى من الإذن المعتبر، وعدم وجود البديل وتحقق الضرورة وغيرها، ومما تضمنه القرار رقم 26 (1/4) من قرارات الدورة الرابعة لهذا المجمع.
ولا مانع شرعاً من إبقاء هذا المولود اللادماغي على أجهزة الإنعاش إلى ما بعد موت جذع المخ – والذي يمكن تشخيصه – للمحافظة على حيوية الأعضاء الصالحة للنقل، توطئة للاستفادة منها بنقلها إلى غيره بالشروط المشار إليها.

2 – تحديد المنتفع بالأعضاء، ووسيلة ذلك:

هذا وقد استكمل المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث بعد المناقشة المسائل الآتية التي تتعلق بنقل الأعضاء، وهي:

أ – إذا حدد المتبرع أو ورثته شخصاً معيناً للانتفاع بالعضو المتبرع به أو فوَّض جهة معينة بتحديد الشخص المنتفع به فيجب الالتزام بذلك ما أمكن، فإن لم يمكن لسبب إرادي أو طبي فإنه يرجع في ذلك إلى ورثة المتبرع، فإن لم يتيسر فيرجع إلى الجهة المعنية بمصالح المسلمين في البلاد غير الإسلامية.

ب – إذا كتب الشخص وثيقة للتبرع بعضو من أعضائه بعد وفاته فتطبق على ذلك أحكام الوصية، ولا يجوز للورثة أو غيرهم تبديل الوصية.

ج – في حالة وجود قانون بأن من لم يصرح بعدم الرغبة في أن ينتفع بأعضائه بعد وفاته يعتبر موافقاً؛ فإن عدم التصريح بالرفض يعتبر موافقة ضمنية.